منـــذ عشــــرين عـــــاما
ومازالت أحداثها مستمرة.. !
فضيلة الشيخ: سند
بن علي بن أحمد البيضاني
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل :
((لَقَدْ كَانَ فِي
قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ))
(يوسف : 111)، والصلاة والسلام على القائل ((إنما الأعمال بالنيات...)) ، وعلى
آله وصحبه أجمعين . أما بعد:
المسألــة الأولى : للحصول على أفضل النتائج المرجوة ([3])
أولا : إيضاحــات
لابد منها
1) القصة
الأولى- المسألة الثانية- مأخوذة من الكتاب الأصل ((صلاة الاستخارة .. كيف تتقنها
لتجدد إيمانك؟! )) وكانت تحت عنوان ((المبحث التمهيدي/ هذه قصتي مع صلاة
الاستخارة)) وهي تحكي قصة المؤلف مع الاستخارة منذ عشرين عاماً وما زالت أحداثها
مستمرة وتركتها كما هي حسب ما كانت في الكتاب . ، ولا يوجد عنوان إلا واستخرت الله
عليه بل أكثر من ذلك ليطمئن([4]) قلبي .
2) ثم استجدت أحداث بعد الانتهاء من الكتاب
فاستخرت الله على إضافة القصة الثانية وما بعدها، وهي تحكي فترة زمنية لاتتجاوز
أكثر من تسعة أشهر . وكذلك فعلت في هذه القصة وما بعدها حيث لا يوجد عنوان إلا واستخرت الله
عليه... .
3) إذا كان لكل حق حقيقة- كما أخبر الرسول r
ولكل مسلم حقوق وواجبات ، فحق على كل قارئ أن يقرأ هذه القصة
بقلب حاضر وعقل واع لما فيها من دروس وعبر ، ولما فيها من أمور يعز على كل مسلم ذي
مروءة([5]) ، أن يظهرها على الأشهاد وتجعله يظهر لمظهر الثقيل
على الناس ويشتكي بالخالق إلى المخلوق نعوذ بالله من ذلك وغير ذلك من الأمور التي
يدركها أهل المروءة والعلم والإيمان ، وما كنت لأجرأ على كتابها لولا أني استخرت
الله وهذه من ثمار الاستخارة التي تجعل المسلم يتحرر من الخوف ويتحرر من الجمود
والقيود([6])
التي تفرضها اليوم العادات والتقاليد الجاهلية في زمن الحضارة كما زعموا.
ولعل هذه القصة من
العلم الذي لا يجوز كتمانه.
4) قد يجد فيها القارئ
بعض الفوائد والعبر، والتي قد تغني عن كثير من التأصيلات الموجودة وغير الموجودة
في الكتاب الأصل ، والتي قد يحتاجها المستخير، فتدبرها !
5) لما
كان من الاختصار ما هو مخل ومن التطويل ما هو ممل والتوسط
صعب المنال وغاية لا تدرك ؛ لتفاوت الأفهام واختلاف العقول ، اجتهدت لذلك ،ولكن قد
تكون هناك من الأمور أطلت في ذكر تفصيلاتـها، لعل الله ينفع بها لمن أراد شرح صدره لإتقانها والإكثار منها أو غير
ذلك
، فأرجو أن أكون قد وفّقت ،وأرجو قبول عذري واعتذاري إن لم أوفق في ذلك .
ثانيا:
نحو قراءة إبداعية([7])
لما رأيت أن
هذا الكتاب (( السلسلة الخامسة)) فيه من الدروس والعبر والفوائد، والتي قد تحتاج إلى قارئ يجيد مهارة فن القراءة ،اخترت
هذه المقالة،ولا
أدري من كتبها، فأعتذر لعدم ذكر اسمه.
1) دراسات حديثة : تقول هذه الدراسات أن نحو 70% مما يتعلمه
المرء يرد إليه عن طريق القراءة .
2) هل هناك
مهارة واحدة فقط للقراءة؟
هناك في
الحقيقة مهارات متعددة للقراءة : فقراءة الجريدة تختلف عن
قراءة كتاب علمي مقررّ. وقـراءة
البحث تختلـف عن
قـراءة قصة مسلية ، وقراءة قصة مسلية تختلف عن قراءة قصة حياة في ظل طاعة شرعية ،وقراءة
رسالة شخصية تختلف عن قراءة قصيدة ..... وهكذا.
فلهذا ليس كل ما تصل إليـه أيدينا من الـمواد
المكتوبة نقرؤها بنفس المقدار من العناية ودرجة السرعة والإتقان . فالقراءة مثل قيادة السيارة مـن
حيث الحاجة إلى الانتباه والتركيز والتكيف في السير حسب ما يقتضيه الموقف.
فالسير في شارع عريض يختلف عن السير في أزقة ضيقة .. وهكذا .
4) أنـــــواع القــراءة
أ) قــراءة الاستطـلاع:
وهي بمثابة
اللقاء الأول بأي كتاب أو موضوع ، قبل أن يقرر الشخص ما إذا كان
سيقرؤه أم لا.
أي إنها نظرة سريـعة على بعض الأمور التي تسلط
فيها الضوء على محتوى المادة التي تحاول قراءتـها، سواء كانت كتـاباً أو موضوعاً أو
مقالـة أو غـير ذلك . وتحدد لك مستوى المادة والأفكار التي تدور حولها
تلك المـادة ، كالمقـدمـة والعرض والعناوين والفهارس([8]) والخلاصة ، والزمن
الذي كتبت فيه والمراجع التي أخذت منها بعض الأفكار والأسلوب
الذي كتب به ، إلى غير ذلك من الأمور.
ب) القــراءة
العابـرة أو التصفـح:
وتكون بعد قراءة
الاستطلاع ، وهي قراءة تصفح خفيفة سريعة، تبحث عن بعض نقاط ، أو عـن أفـكار
عـامة ، تكون عـادة مـذكورة بوضوح في المادة المقروءة ،
كما تكون موجزة جداً، تتمثل في كلمة أو بضع كلمات يتم العثـور عليها بسهولة،
كإجابات عن أسئلة مـن نوع: (هل؟) (من؟) (متى؟) (أيـن؟) ( كم؟). وتكون الإجابة عن السؤال
العابر عادة قصيرة، وقد لا تتعدى كلمة أو اثنتين .
ج) قــراءة
التـفحص :
وهي قراءة متأنية نسبياَ، وتفيد عادة في تنظيم المادة . وهي تجيب عن أسئلة من نوع (لماذا؟)
(وكيف؟)، إضافة إلى أسئلة القراءة العابرة .
وهي تبحث عن أفكار متفرقــة يسعى القارئ
إلى تجميعها. وقد يحتاج مـن أجل ذلك أن يقرأ المـادة كلـها،
ولكنـه يقرأها بسرعة وحرص ، ماراً بالأفكار كي يجيب عن الأسئلة
التي في ذهنه، وهو خلال ذلك، يتعرف علـى النقـاط الرئيسة والحقائق والمعلومات التي تجيب عن تلك الأسئلة .
د) قــــــراءة
تأمل وتفكير:
وهي قراءة متأنية دقيقة ، كما أنها قراءة تأمل
وتفكير. وتتطلب الأسئلة التي يجاب عنها في قراءة الموضوع معلومات أكثر حرْفية مما
هي عليه في أنواع القراءة السريعة أو العابرة والتفحص. فالقارئ
هنا يقرأ بعقل ناقد، وهو لا يكتفي بقراءة ما يرى، بل يقرأ ما بين السطور. لأن عليه
أن يزن الحقائق الجديدة في ميزان خبراته الخاصة ، ويتفاعل معها سلبا أو إيجابا، فتصبح بالتالي جزءاً من
الخبرات الجديدة التي يضيفـها إلى رصيده السابق من الخبرات.
وهي التي ستساعده على التنبؤ بما سيرد من أفكار ومعلومات أثناء القراءة ، فتصبح بذلك مفاتيح للفهم.
5) مهارة
المجاراة ( القراءة السريعة مع الفهم السريع )
وتعني القراءة السريعة مع الفهم السريع
. وهي لهذا تعتمد على المرونـة ، أي ((القـدرة علـى قـراءة
النصوص المختلفـة بالسرعة الأكثر اتفاقا مع غرض ونوعية
النص )) هذه المـهارة ليست كالـمهارات السابقة ، فهي تحتاج إلى الكـثير مـن التدريب، كما
تتطلب الاستمرار في التطبيق ؛ وذلك بوضع خطة منظمة ذات أهداف
واضحـة تؤدي بالتـالي إلـى التحسن ثم الإتـقــــان .
6) ما هي
مهارة قراءة التخمين؟
هي العملية
الذهنية التي يقوم بها الدماغ قبل قراءة النص . فقد يوحي العنوان بأفكار قد تكون في
صلب الموضـوع ، فيخمن القارئ أو يتنبأ بما يمكن أن يرد في ذلك النص ، وهذه العملية تستمر كذلك كنشاط ذهني يمارسه القارئ خلال القراءة ،
فيتوقع ما سيرد من أفكار ونتائج عن طريق الربط بين الجمل .
الخــلاصة :
·
ليست هناك مهارة واحدة فقط للقـراءة ،
وإنـما عدة مهارات أساسية .
·
لا تـعامل كـل الـمواد الـمقروءة
بـنفس السرعة ودرجـة الإتـقـان .
·
كل ما يُقرأ يحتاج إلى تفكير قبل وأثناء
وبعد القراءة فالقراءة نفسها هي عملية تفكير.
·
لا تجعل
همك الانتهاء من الموضوع ، بل اجعل همك استيعاب أكبر قدر من المادة بأقصر وقت ممكن .
المسألة الثانية : قـصتي مع الاستخارة منذ عشرين عاما
1-
وللقصــــة
بدايـــــــــــة :
منذ
ما يقارب عشرين عاماً منَّ الله عليّ بطلب العلم وكنت ولا زلت أجد فيه المتعة ،
فوفقني الله حينها أن قرأت حديث الاستخارة وشرح الله صدري لها ، فأصبحت أستخير ،
ولكني كنت أجد صعوبة
شديدة في تمييز التيسير من الصرف ، وكنت أعتمد للتمييز على كلام للإمام النووي
بانشراح الصدر ، ونتيجة لقلة علمي وخبرتي وعدم توفر مراجع أو كتب تفصل في كيفية
التعامل معها بشكل تفصيلي ؛ كنت أمكث وقتاً بعد الصلاة مباشرة أنتظر انشراح الصدر
أو انقباضه وكان ذلك يرهقنـــــي ويجعلني أحياناً في حيرة من أمري .
ولكن
كنت إذا انشرح صدري أقبلت ، وإذا انقبض أحجمت مهما كلفني هذا الأمر، ولكن من رحمة
المولى I كان يعطيني على قدر الاعتقاد والتوكل ، فكنت لا أجد إلا خيراً ،
مع أنـي أعتقد اليوم أن هذه الطريقة
غير مضمونة وغير متقنــة ، فرحمته قد وسعت كل شيء
ويتجاوز عن الخطأ غير المقصود وخصوصاً إذا كان ناتجا عن قلــة
خبــرة مع صدق توكل وصدق اعتقاد بأن الله سيختار له خير الأمرين .
2-
البــــدء في نشرهــــــــا :
بعد أن رأيت بعض ثمارها أصبحت أكثر منها
فتحسن الأداء وأصبحت أعتمد على قرائن التيسير والصرف ، ثم وفقني الله أن أكتب عنها
شيئاً في بيان مشروعيتها وفضلها وبعض أحكامها وكانت بعنوان (صلاة هجرها كثير من
الناس ) وكانت من صفحتين .
وأصبحت
أنشرها بقدر الاستطاعة ، ثم بعد عدة سنوات رأيت أن كثيراً من الذين أستطلع آراء هم
يشكون من صعوبة
التمييز، فكتبت عنها بعض الأمور وأضفت بعض القصص وشيئاً من طرق التمييز وكانـت
ثماني صفحات .
3- مساوئ ومتاعــب عـــدم وضـــوح
الرؤيـــة وتــحديد الــهدف .
مع
علمي المسبق حينها أن من عناصر النجاح وضوح الرؤية وتحديد
الهدف([9])، إلا أني كنت أطلب العلم بجد واجتهاد
دون هدف معين ، سوى أني أجد متعة في ذلك ، واستمر هذا الحال قرابة ثلاثة عشر عاماً
،وخلال هذه الفترة كنت أدون أي فائدة أجدها فأصبح عندي عدة آلاف من الفوائد
المتنوعة فيها الغث والسمين . ثم أصبحت أسأل نفسي لماذا أطلب العلم ؟ وإلى متى ستظل هكذا ؟
وكان مما يزيد من متاعبي النفسية أنني لا أجد رغبة أو ميولاً في إلقاء الدروس ونحو
ذلك ، وكان عندي كثير من الفراغ ، فقد كنت شبه متفرغ لطلب العلم وعندي وظيفة
حكومية في مرفق متعثر ثم تم خصخصته .
4-حادثــة مـــؤسفة ســـاعدت
علــى تــحديد المســــــار:
بعد
ذلك قدر الله أمراً وحصلت حادثة مؤسفة
يطول شرحها ([10])،
واضطررت إلى كتابة بحث سريع في مسألة معينة ، ثم بدأت أظن بأني ميسر لأمر آخر ،
فاستخرت الله على جعل ذلك البحث الصغير كتاباً جامعاً لمسألة مهمة ، فيسّر الله
ذلك وأصبح جاهزاً للطبع ، ثم كتبت عدة كتب فمنها ما هو مخطوط ومنها ما هو جاهز
للطبع ، وهما: (فرائد الفوائد) الجزء الأول
والثاني ، وأصبح المسار شبه محدد والرؤية تكاد تكون واضحة فـلعلي ميسر لهذا الأمر.
5-بــــدء المعانـــاة
النفسيـــــــــــة :
بعد أن أصبحت أعتقد أني قد أكون ميسراً
لهذا الطريق ، سعيت جاهداً لطبع تلك الكتب الثلاثة ، وكنت أستخير في كل أمر يتعلق
بذلك ولو كان اتصـالاً هاتـفياً ، وكان الله يصرف
عني العروض التي تعرض علي ، وكانت عروضاً مجحفة ، مع أن علمي البشري القاصر يقول من الحكمة أن تقبل هذه العروض([11]) طالما لا توجد شهرة
ولا مال ولا تمويل لطباعتها .
ومنهم من قدّم
عرضاً- قد يكون مقبولاً لمثلي- ، وقال :((كلمتي كتابة)) ، ثم لا وفَّـى بالوعد ولا
التزم بالعقد، وأخذ يماطل ويكذب قرابة سنتين ، ثم
اعتذر عن طباعتها ، ولولا أني قد استخرت الله على طباعتها عنده؛ لشعرت بحزن عميق
وظلم شديد وبعد أن تيقنت من طول المماطلة وغير ذلك ، كنت أدعو عليه أحياناً ،
وأحياناً بدعاء معلق ، وأحياناً أسامحه ، وصرت مضطرباً كثيراً من هذا الدعاء ؛
لأني مازلت أستحضــر
بأني استخرت الله فيه وما يلزم من ذلك ، مع أنه
ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله r آية ولا حديث يأمر العباد أن يرضوا بكل
مقضي مقدّر من أفعال العباد حسنها وسيئها([12]) ، ولكن مع ذلك أقول : إن ا لإيمان قيــد ا لمؤمن ومن هذا القيد: لوازم الاستخارة ، ولكن لمــا ظهرت الحكمة من كل ذلك
سامحته لعل الله يسمح عني، وسوف تأتي الإشارة إلى سبب المسامحة .
وكذلك وقعت لي معه قصة أخرى ، كانت
عجيبة حينها ، ولكن بعد أن ظهرت لي حكمتها لم تعد كذلك ، وكانت قبل التوقيع على
العقد عندما رأيته في معرض الكتاب ، وهي شبيهة بقصة الإمام الشافعي عندما امتُحِنَ
في فراسته ([13]). وكنت قد استخرت لأكتبها مع قصص أخرى
بتفصيل في مبحث خاص سميته (قصص واقعية) ولكن صرفني
الله عن كل ذلك ، ثم يسّر لي أن أكتب هذا المبحث التمهيدي ، وصرت أعتقد اعتقاداً جازماً
أنه خير من ذلك المبحث ، ولعله قد يكون لغيري أنفع والعلم عند علام الغيوب سبحانه
.
ثم مرت سنوات وأنا أستخير في كل صغــيرة وكبيـــرة تتعلق بطباعتها ، ويصرفني الله ولما
طال الأمر وضاق أصبح يراودني في بعض الأحيان شك لعلي أخطأت في تمييز الصرف عندما
كنت أرفض تلك العروض ، وأصبحت أظن لعل هذا الطريق لست ميسراً له ، ثم تزداد
المعاناة والحيرة عندما أفكر وأقول في نفسي ما فائــــدة
الاستخارات على كتابتها طالما لا توجد إمكانية على نشرها ولكني مع ذلك كنت أطرد
هذا الوسواس بالمجاهدة والقسم بأن الله قد اختـــــــــــــار خيراً .
6-ازدياد المعاناة النفسية :
ومع ذلك استمررت في طلب العلم والكتابة
وشرعت في كتابة الجزء الثالث من فرائد الفوائد ، وأصبحت عاطلاً عن العمل وكلما
أستخير على عمل مشروع يصرفه الله عني ، ثم
يقدر الله أمراً بأن يحترق منزلي مع كل الكتب المخطوطة التي كنت أنوي إكمالها ،
إلا الكتب السالفة الذكر فقد كان يوجد منها نسخ
خارج اليمن .
وكان الأصحاب يدعون لي بأن يخلف الله
علي خيراً ويسألونني ماذا ستعمل ؟ فكنت دائماً أقول: (أنا واثق بأن الله سيخلف علي
خيراً إلا كتبي فإنه يصعب علي أن أتصور بأني أستطيع أن أعيدها أو أكتب أحسن منها
إلا أن يشاء الله) وكنت حريصاً جداً على هذا الاستثناء لاعتقادي الجازم أن البلاء موكل بالمنطق .([14])
7- الشعور بخيبة الأمل والفشل :
عزيز على كل عاقل أن يجتهد في أمر بدون
هدف معين ولا رؤية واضحة ، ثم لما يوفق إليهما يرى أنها قد صارت أحلاماً متبددة
وأوهاماً متجددة وكل ذلك باسم الاستخارة بأن الله قد اختار لك هذا الأمر ، فكلما
أستخير في شيء لأحقق شيئاً مفيداً في حياتي العملية أو العلمية يصرفه الله عني ، وكنت
أكثر من الدعاء والاستغفار والتذلل للواحد الأحد الفرد الصمد ، ولكن دون إجابة ،
حتى خشيت على نفسي بأن تكون الذنوب قد حالت بيني وبين ربي ، وضاقت علي الأرض بما
رحبت ، وأصبحت في الفترة الأخيرة أشك في بعض
الأحيان بأني قد أكون على خطأ في فهمي وتعاملي مع الاستخارة ، مع أني لازلت أجد ثمارها عندما أستخير في غير الأمور العملية والعلمية
كالشراء والمعاملات وغيرها من الأمور الكثيرة .
8- وعاد الأمل من جديد :
بعد عام من احتراق المنزل وفي جوف الليل
وأنا مهموم وأشكو بثي وحزني إلى الله ،
يلهمني الله إلى أمر لم يكن يخطر ببالي، لماذا لا أكتب في الاستخارة ، ولعلي قلت
في نفسي : ماذا عسى أن أكتب فيها غير الذي قد كتبته من سابق ؟ ،ومع ذلك قمت واستخرت لأترك التدبير له سبحانه ؛ فإذا بالأفكار
تتوالى ولا أكاد ألحق تقييدها إلا بالدعاء خوفاً من نسيانها أو بعضها([15])، ولكن قابلني بعد
ذلك كثير من المسائل التي تحتاج إلى صبر واجتهاد في البحث و استخارات كثيرة ، ثم
كان هذا الكتاب .
9-الشيطان يعدنا الفقر والله
يعدنا من فضله :
ثم
لما قاربت على الانتهاء وأصبحت في المقدمة حدث أمر لم أكن أتوقع قرب وقوعه، حيث
أخبرني زميل في العمل بأن المرفق الذي أعمل فيه ، تم إحالة موظفيه إلى التقاعد
المبكر ، وتم تخييرنا بين أمرين إما استلام معاش تقاعدي شهري أو استلام تعويض مالي
- مستحقات نهاية الخدمة - وبعد حساب لمعطيات كثير من الأمور فكرت أن لا أستخير
وإنما أختار المعاش الشهري وذلك لعدة معطيات وأسباب
:
أ- كانت أهم
استخارة أقابلها في حياتي ، وأخشى أن يغلبني هوى الطبع فلا أستطيع التوكل عليه ،
وسيتضح سبب ذلك في الفقرة التالية .
ب- الوضع العام أن
الناس تفضل المعاش الشهري -وإن كان قليلاً- على التعويض المالي وإن كان كثيراً ،
وشعارهم قليل دائم ولا كثير زائل ، وهذا سببه
ضعف التوكل وقلة الخبرة في الاستفادة من التعويضات ، وهذه واحدة من مساوئ التربية
في النظام الشمولي ، حيث جعلت شعوبها تتكل على رزق وظيفة الدولة على حساب الأعمال
الحرة ، وكل ذلك يؤدي إلى عدم التحرر من خوف الفشل والوقوع في عبودية الوظيفة ،
وذلك يؤدي إلى اتخاذ بعض الناس أرباباً من دون
الله .
ج-
خشيت أن يلبس علي إبليس قرائن تمييز التيسير أو
الصرف بحب المخالفة له أي قد تظهر قرائن التيسير في المعاش الشهري ، فاختار التعويض
لأثبت لنفسي أني أريد أن أتوكل عليه سبحانه فأكون بذلك قد وقعت في المخالفة من حيث
لا أدري.
10- مكاشفة النفس :
ثم
جلست مع نفسي أذكّرها في كل ما كتبته في هذا الكتاب ،وأين أنت من دعواك بأن العلم
لصفات الخالق والمخلوق تستلزم منك اليوم أن تستخير ؟
؛ لأنها في أمر مهم جداً وقد يكون مصيرياً ، وأين أنت من دعواك بأن من يتوكل على
الله فهو حسبه؟ وأين أنت من دعواك بأن الشيطان ليس
له سلطان على المؤمن الذي يتوكل الله ؟ أم أن هذه
الأمور للتصدير إلى غيرك فقط ؟ وحينها أين سيكون
موقعك من مقت الله لمخالفة الفعل للقول ؟ أم تخاف
أن يحيف الله عليك ؟
11- التحرر من خوف الفشل وتخويف
الشيطان و وسواسه .
وبعد تلك الجلسة مع النفس : قررت أن
أستخير على الخيار الأول ولعلي أقسمت على أن
أستخير حتى أقطع وسواس الشيطان ،وقبل أن أستخير دعوت الله كدعاء المضطر
وكدعاء من يركب الفلك آمنا ثم تجيئه ريح عاصف وموج من كل مكان ويظن أنه قد أحيط به
.
فدعوت
أن يعصمني من شرور النفس وأن لا يكلني إلى
نفسي طرفة عين وأن يوفقني إلى التوكل عليه توفيقاً وأن يجعل لي علامة واضحة، وأن يشرح صدري انشراحا ، وأن يجعل في قلبي الطمأنينة وأن ينزل سكينته علي تنزيلاً ، وأن يوفقني إلى
الرضا باختياره ، وأن يصلح بالي إصلاحاً، وقلت يا ربي إنَّ نبيك يقول:( تعرّف إلى
الله في الرخاء يعرفك في الشدة) وإني أزعم بأنني
أذكرك في الرخاء وإني اليوم أرى نفسي في شدة ، فلا تجعل ذنوبي تحول دون
الوفاء بوعدك ، فإني أخشى إن استخرت أن لا أتوكل عليك) ثم استخرت على الخيار الأول . ثم بعد أن استخرت بساعات أو يوم أو يومين
إذا ببعض الدعوات أجيبت ، ولكن الأمر لم ينجل بعد .
تنبيه وتوضيح وتوجيه فقهي :
بعد
أن قررت أن أستخير على الخيار الأول - المعاش
الشهري. كان في نفسي شيء منه ؛ لأني أميل إليه -لما سبق وأن تقدم شرحه- فإذا حصل
التيسير اطمأن قلبي أكثر، ثم تبـيّن لي أن هذا أيضاً من كيد الشيطان حتى تبقى في شك مستمر وأحياناً قد يكفيه أن تشك في صدقك مع الله، أو مع نفسك أوفي طاعة واحدة ،فكيف
إذا كانت هذا الطاعة محببة إليك ومعلقاً قلبك بها فمن باب أولى أن يكون أشد حرصاً ويرضى منك بهذا القليل ، فقد وعد بأنه سيقعد في الصراط المستقيم ؛ فلهذا على العبد أن ينتبه
لمثل هذه الزيغات البسيطة ؛ لأنها بداية الوقوع في حبائله .
ولكن كيد الشيطان ضعيف ؛ لأن الله I يحفظ
العبد من البقاء في الشك من خلال التوكل عليه
والاستخارة مبنية على التوكل ، ] إِنَّ
الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ
فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ [
[الأعراف :201]
ومن التذكر أن تتذكر] إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى
الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [ [النحل
: 99] .
ومن
التوجيه الفقهي كان يكفي أن أستخير إجمالاً ، أي أقول : (إن كنت تعلم أن المعاش أو التعويض
خير لي....)، أو أن أستخير على الخيار الثاني ، فالأمر فيه سعة ؛ لأن الله يعلم نية المستخير وصدق توكله
.
ومثل
هذا الميل لا يؤثر على صحة الاستخارة أو تمييز
قرائن التيسير والصرف ؛ طالما سيتوكل على الله. وسوف يأتي بسط ذلك في التوكل وفي
قرائن التيسير والصرف .
12- ظهور أسباب الصرف وانجلاء
الأمر :
بعد خمسة أيام تقريباً صرت عازماً وصدري
منشرح للخيار الثاني ، بعد أن كنت متخوفاً منه،
فسبحان الذي قلوب العباد بين إصبعيه يقلبها كيف يشاء .
فذهبت
إلى الوزارة لإحضار الورقة الخاصة ببيانات التقاعد المبكر ، ففوجئت بأمر عجيب لم
أكن أتوقعه، وجدت أن المعاش الشهري بعد التقاعد سينقص بنسبة 15% عن الراتب الذي أستلمه ، والذي كنت أتوقعه أن يزيد 10% على أقل تقدير .
وكنت أتوقع أن أجد التعويض قليلاً ؛
ولكن لله الحمد وجدته أكثر مما كنت أتوقعه ، فازدادت
الطمأنينة وشعرت بالسكينة وأكثر من ذلك ، والحمد الله الموفق وسبحان علام الغيوب .
13- ولتعلمن
نبأه بعد حين ولكنكم تستعجلون:
من
خلال كل ما تقدم ذكره وشرحه بدأت تظهر لي بواكير الحكمة من كل تلك الصوارف ، ويمكن
تلخيصها بالآتي :
أ-
كل
تلك الصوارف المتعلقة بطباعة تلك الكتب ، خير لي
ورحمة من تلك العروض المجحفة وخير ورحمة
من تلك المساعدة التي كنت أطلبها لتمويل طباعتها ؛ حتى أطبعها من ماله بإذنه ومنّه وحتى لا يكون لأحد فضل سواه
من قريب أو بعيد ، ولعلها تكون مصدر دخل بعد أن
صرت بدون مصدر دخل حكومي ، ففضل الغير قد يمنعك أحيانا من أن تقول الحق الذي
تعتقده.
ب- صرت أعتقد
اعتقاداً جازماً أن هذا الكتاب مع صغر
حجمه خير من كل تلك الكتب والمواضيع التي كنت أستخير على إكمالها أو كتابتها ، ولعله قد يكون أنفع للناس منها فالله وحده العليم والقدير
.
ج- قد أكون لست ميسراً
لفتح مشروع من تمويل غيري ، وقد يكون ميسراً لي وأفضل إذا كان من ماله سبحانه .
د- لعله قد يكون ميسراً لي أن أستمر في سلك هذا الطريق ولعل
أن تكون للقصة بقية في كتاب آخر. إن شاء الله
تعالى.
هـ- لعل هذا الكتاب يكون من الكتب القليلة التي عالجت هذه
المسألة بنوع من التفصيل ، وقد يحتاج إليه كل مسلم فيـُوصى به ؛ ليمنّ الله به على
العبد الفقير إليه بصدقة جارية.
14- بدء ظهور البواكير وأسئلة
للمكاشفة الإيمانية :
بعد
أن انتهيت من الفقرة (13) بساعات وكنت أظن أنها
ستكون آخر فقرة من المقدمة ، وكنت أود ذلك لأن المقدمة قد أصبحت طويلة ، ولكن ليس لي من الأمر شيء وفقني الله
لفكرة : لماذا لا أكتب أسئلة للمكاشفة
الإيمانية ؟ ولم تكن عندي لحظتها أي أسئلة جديدة
يمكن أن أضعها فكثير من هذه الأسئلة قد
كتبت في أماكن متفرقة من الكتاب ، ولكن المولى I هو يدبر كل شيء .
فاستخرت
على مجرد تلك الفكرة
فقط وفي صبيحة اليوم التالي وبعد صلاة الفجر خرجت مع زميل لي إلى مطعم ؛ لأني في
ليلـتها نمت مبكراً دون تـناول وجبة العشاء ([16])،
وليس ذلك من عادتي ، فدار حديث متشعب وتوجيهي له
علاقة بالأسئلة وعندما عدت إلى المنزل ، وفقني الله إلى أفكار كثيرة ببركة ذلك الحديث ومن كثرتها أني لم أستطع تقييدها كلها
إلا بالدعاء خوفاً من نسيانها أو بعضها([17])،
فسارعت إلى تقييدها قبل أن أكتب هذه الفقرة ، فرأيت أنها قد تنفع لكتاب أو كتابين
؛ نتيجة لاختلاف مواضيع تلك الأفكار ، ورأيت أن من تلك الأفكار ما تنفع أن تكون
أسئلة لتلك الاستخارة ، فمن هذا الذي هدى وقدر ودبر ثم يسر ؟ أليس علام الغيوب ؟
أ) هل
تعتقد أن للتوكل منزلة عظيمة ؟ ولماذا ؟ ولماذا يحب الله المتوكلين والمحسنين والتائبين
والمتطهرين والمطّهرين والصابرين والمتقين والمقسطين والذين يقاتلون في سبيله صفاً
كأنهم بنيان مرصوص ؟ ([18])
.
ب )
ما هي أحسن طريقة تعتقد أنها تقوي التوكل ؟
ج ) هل تعتقد إن توكلت على
الله سيخذلك ؟ أم سيحيف
عليك ؟ولماذا ؟
د ) هل تستطيع
معرفة درجة توكلك ؟ ، ولو جاز أن نقسم التوكل إلى
درجات ،فأي تقدير تعطيه لنفسك: ممتاز جيد جداً، جيد ،مقبول، ضعيف، ضعيف جداً
؟ولماذا ؟ وهل تعتقد أن التوكل واجب ومتى يكون ذلك
؟ولماذا ؟
هـ) هـل تحب أن تتقن الاستخارة؟
ولماذا ؟ وهل عندك منهاج عملي سهل لإتقان أي عبادة ؟
و ) طالما إن الإيمان
يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، فهـل أنت من الذين
زاد إيمانهم بالطاعات؟ أم من الذين نقص إيمانهم ؟ فلماذا
الصلوات والصيام وبقية الطاعات اليومية لم تزد من إيمانك، فالمؤمن كما قال الإمام
أحمد: (من زاد إيمانه كل يوم).
ز ) هـل تهتم وتراقب أكثر عمل القلب أم عمل
الجوارح ؟ولماذا ؟ فإذا كان الأول ، فأين أنت من
درجة التوكل وما يثمر عنه ؟ وأين أنت من بقية
الفئات الذين يحبهم الله ؟
ح) هـل تعرف مدى قربك
وتقربك إلى الله ؟ ولماذا ؟
15- إن كيد الشيطان كان ضعيفاً :
كنت قد ذكرت في الفقرة (8) - (وعاد الأمل ...) عبارة (خوفاً من نسيانها أو
بعضها ) ثم أشرت في الحاشية ، (يرجى الانتباه لهذه الكلمة لأن لها قصة ، ويمكن
تلخيصها بالآتي :
عندما كتبت ( خوفاً من نسيانها أو نسيان
بعضها ) خطر على بالي أن أكتب في الحاشية شيئاً ظننت أنه قد يفيد فاستخرت على كتابتها ، ثم بدا لي أن أتركها
لسببين فاعتبرتهما من الصرف ، وهما :
الأول:
لم أستطع تهذيبها بشكل يسهل على القارئ فهم المقصد .
الثاني:
جاء الشيطان من الباب الذي يجب أن يحذر منه كل مسلم فأنت تحيل إلى فرائد الفوائد
للدعاية للكتاب وما يترتب عن ذلك وأنها ليست لله ([19]).
وظلت الفكرة تراودني لم أنسها فبقيت بين حيرتين ، بين قرينة التيسير وهي عدم
النسيان ، وبين الشك في إخلاص النية
وعدم القدرة على تهذيب تلك الحاشية والتي
قد تعد قرينة_أي عدم القدرة_ من قرائن الصرف .
فحتى
لا يستمر هذا الحال أقسمت أن لا أكتبها إلا أن أرى
علامة ترجح كتابتها ويطمئن قلبي لها. ثم أثناء كتابة الأسئلة الإيمانية ، احتجت أن
أكتب نفس الكلمة إبراءً للذمة وللأمانة العلمية ، فخطر على بالي فكرة ، لماذا لا تجعل هذه المقدمة في مبحث خاص؟لأتحرر من قيود البحث العلمي بقصر المقدمة ، فاستخرت
على ذلك ، ثم نضجت الفكرة لتتحول الحاشية إلى قصة
قد تفيد المستخير و غير المستخير عندما تقابله مثل هذه الأمور للوقاية والعلاج من
كيد الشيطان .
فمن
الذي حجب عقلي على تهذيب حاشية من سطرين أو ثلاثة ؟
ولماذا قدر الصرف في بداية الأمر ؟ فكان تأويلي لذلك الصرف بأنه قد
تكون هذه القصة أنفع من الحاشية الصغيرة لكي أبسطها هنا،وهي :
أن
هناك علاقة بين وصول الحق والزيغ ولو بمقدار ذرة ،
وهذه العلاقة تتعلق بالثمار السيئة؛ والنسيان من جملتها، فهو في كثير من الأحيان
قد يبدأ عن إهمال معين ولو بمقدار ذرة ] وَمَن
يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ[[الزلزلة : 8 ]، فنحن
مأمورون بتقييد العلم ، والتهاون بتقييده بعد وصول القول إليك زيغة قد تكون بمقدار
ذرة أو أكبر .
ولمزيد
من الفائدة انظر (فرائد الفوائد/الجزء الأول/باب العلم/ فوائد بعنوان: ((علاقة
تقييد العلم بالإيمان والنسيان)) (ما هي العلاقة بين وصول الحق وفهم الحق ؟) (أثر
وصول الحق على فهم الحجة) ( ثمرة العلاقة بين وصول الحق وفهم الحجة) (باب
العقيدة/كيفية النجاة من كيد الشيطان عند الحيرة
).
المسألة الثالثة: قصتي مع الاستخارة في نشر الكتاب
أولاً:
وما كان الله ليطلعكم على الغيب
1) ما كدت أنتهي من الكتاب (( صلاة الاستخارة .. كيف تتقنها لتجدد إيمانك؟! )) بشكل نهائي([20])،
إلا وظهرت أفكار جديدة لبحث([21])
رأيت بأنه قد يكون مهماً ، فاستخرت ، فتيسر تيسيراً عجيباً، وبعد قرابة سبعة أشهر
كنت قد انتهيت من المرحلة الأولى والثانية وجزء من المرحلة الثالثة([22])،
ثم لأسباب يطول شرحها استخرت للبدء في المرحلة الرابعة وهي تهذيب ما تم تبييضه مع
أني لم أكمل بعد المرحلة الثالثة.
2) فكنت كلما اجتهد في تهذيب باب ما ، تتعقد
الأمور رويداً رويدا، ثم أتأول
ذلك لعل الخيرة([23])،
أو الأفضل أن أبدأ من باب كذا بدلاً من باب كذا ، وهكذا استمر الأمر إلى أن تعقدت
الأمور بشكل عجيب ولم استطع تهذيب أي باب. ولعلي أيضاً استخرت للعودة مرة أخرى
لإكمال المرحلة الثالثة فصرفه الله عني.
3) بعد أن وصلت إلى قناعة وتأويل بأن هذا قد يكون من
الصرف الكلي ولو لمدة مؤقتة
قلت : (( يا رب سوف أترك هذا البحث إلى أن تظهر لي
علامة واضحة لإكماله )) وصرت أقول أحياناً في
نفسي: ((ما عسى أن تكون الحكمة من هذا الصرف ،
بعد أن بذلت جهداً كبيراً وتيسرت تلك المراحل )) التي
تقدم ذكرها.
4) ثم صرت أتأول هذا الصرف ، لعل
الخير في بحث آخر، فكنت استخير في مواضيع شتى ، وأصرف عنها من البداية، ثم صرت أتأول ذلك لعل الخيرة في
البحث عن عمل أو فتح مشروع بعد أن مـنّ الله علي بمال ، وكنت دائماً أتذكر ما كنت
قد كتبته في القصة الأولى (( لعله قد يكون
ميسراً لي أن أستمر في سلك هذا الطريق )).
وكان هذا الشعور قد قوى بعد أن :
·
تيسر
ذلك البحث الذي لم أكملـه.
·
صرت
أظن أن تحقيق
الذات يكمن في سلك طريق الدعوة من خلال
التأليف لما أجده من تزيين ومتعه.
ثانياً:
ليقضي الله أمراً كان مفعولاً
1) بعد أن انتهيت من الكتاب في ((11/2/1428هـ))
الموافق ((28/2/2007م)) ، وبدأت في البحث الآخر زاد شعوري لعلي ميسر لهذا الأمر.
2) ثم
لما كنت أعتقد أن الكتاب يحتاج إلى مزيد من التقديم من العلماء المشهورين استخرت
على مراسلة([24])
كثير منهم. وظننت بأنه سيلقى اهتماماً كبيراً لأنها تمس حاجة الأمة كلها ويعد
فريداً في بابه([25]).
ومنهم من راسلتهم أيضاً بالفاكس.
ولكن للأسف لم يصلني
أي رد إلا من موقع الدكتور سفر الحوالي ولكنه ليس منه، ويخبرني بأنه لم تصل إلا
بعض الصفحات- فجزاهم الله خيراً على هذا
الاهتمام والشعور بالمسئولية تجاه حقوق المسلم على أخيه.
3) ثم استخرت لطباعته على نفقتي الخاصة وكذا بقية
الكتب، وذلك بعد ما رأيت من دور النشر ما رأيت وليباع بنصف سعر التكلفة، وكان الله
يصرفني عن ذلك صرفاً عجيباً.
والعجيب أن دور النشر
إذا أرادت أن تطبع كتاباً على نفقتك بالغت بالسعر –مقارنة
بسعر السوق لنفس الحجم- ، وإذا وافقت على
طباعته على نفقتها؛ بخستك في النسبة ، ومنها من يماطل بعد ذلك في أداء الحق الذي
عليه ، ومنها إذا اشتهر الكتاب أو اسم المؤلف طبعته خلسة ووزعته في دول غير دولة
المؤلف، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم.
ومما يزيد الأمر
عجباً أن من هذه الدور تعلن أن من أهدافها نشر وإحياء التراث والفكر الإسلامي ونحو
ذلك.
فلهذا لا تعجب إذا
كنت لا ترى البركة
المرجوة ، فقد جاء في الحديث ((... فإن صدقا
وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما )) أخرجه البخاري وغيره.
4) ثم تأولت لعل الخيرة لطبعه في
طرق باب العلماء والدعاة ومراكز البحوث الإسلامية والجامعات الإسلامية والجمعيات
الخيرية ، فاستخرت على مراسلتهم([26]) ولم يصلني أي رد
إلا من مؤسسة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة ((
مؤسسة الشيخ ابن عثيمين الخيرية )) ، وكان مضمون
الرد أنها تعتذر لأسباب وجيهة جدا يطول
ذكرها، فدعوت لهم بظهر الغيب على هذا الاهتمام والتجاوب مع الرسالة ، فما ظلم من
شابه أباه.
وكذلك عادت رسائل لم
تصل إلى أصحابها، وكذلك أيضاً عادت رسالة ، –غير مقروءة- أي لم يتكرم صاحبها حتى
باستلامها فعلامَ هذا الكبر بالله عليكم ؟! فلعله
عرف الاسم من خلال المراسلات السابقة.
5) ثم تأولت ذلك الصرف لعل
الخيرة في نشره في المواقع الإسلامية فاستخرت ، وكان الله يصرف عني ذلك الأمر من
غير مراسلة . وكذلك كنت من قبل ذلك وأثناء تلك الفترة أستخير على إرسال بقية الكتب
الذي تقدم ذكرها في القصة الأولى ، فسبحان علام الغيوب.
6) ثم
تأولت لعل الخيرة في جائزة مكتب التربية
العربي لدول الخليج ، وكنت قد رأيتها من سابق ، ولكن لم أراسلهم لبعد آخر وقت لقبول
طلبات الترشيح ((28
شعبان 1429 هـ(( ((30
يوليو 2008م ))، فاستخرت فراسلتهم
وجاء رد ((شكرا لك على اهتمامك بالجائزة .والجائزة
مخصصة للمجالات التربوية ويظهر أن البحوث التي ذكرتها
ليست في هذا المجال )) .فجزاهم الله خيرا على هذا
الاهتمام وسرعة الرد.
وكنت
أظن أن هذا الكتاب بالذات قد توفرت فيه الشروط ومعظم مجالات موضوع الجائزة،حيث
تمنح الجائزة في المجالات الآتية:
· التجارب والمشروعات .
· البحوث والدراسـات .
· التأليـف
والنـشـر .
ثالثاً:
وكان الإنسان جهولاً!
1) بعد مرور قرابة تسعة أشهر من الانتهاء من
الكتاب صرت أقول في نفسي (( أي حكمة يريد الله
يقضيها بعد أن استخرت في كل وسيلة ممكن تخطر على البال ولم تتيسر )).
ثم ألهمني الله فكرة أخرى ، وهي : لماذا
لا أنتقي مجموعة من المسائل وأعيد تنسيقها وأقوم بتوزيعها على هيئة سلاسل، وكانت
كل سلسلة عبارة عن ملزمة ورقية مستقلة. وهي كالتالي:
·
السلسلة الأولى : كاشف نفسك ! لمــــاذا
لا تستخير ؟
·
السلسلة الثانية : كاشف نفسك ؟ لمــــــــاذا
تستخير قليلاً ؟
·
السلسلة الثالثة : صـلاة الاستخـارة...
كيف تـتـقـنها ؟
·
السلسلة الرابعة : صلاة الاستخارة وأثرها في صلاح البال وتطوير الذات
والإتقان والإبداع([27]).
2) بعد أقل من شهر ألهمني الله فكرة أن أسعى لنشرها من
خلال المواقع الإسلامية والعلماء والدعاة وكانوا قرابة المائة- ، فاستخرت الله
وكتبت رسالة بهذا الخصوص ، وكنت قد استخرت على أن أذكرها بنصها وكذلك استخرت أن
أذكر نص رسائل( طلب التقديم) و((طلب طباعة الكتاب-
إبراء ذمة من بحث مهم -))
في هذا الكتاب( السلسلة الخامسة)، فتيسرت هذه وتعسرت البقية ثم تأولت أن الحكمة من تيسير
ذكر نص هذه الرسالة ، لأهميتها وعلاقتها بالأبواب القادمة وخصوصاً باب ( لحظة صدق
كانت سبباً..).
3)
نص الرسالة :
--الصفحة التالية --
بسم
الله الرحمن الرحيم
السادة الأفاضل: العلماء والدعاة والمواقع
الإسلامية شكر الله سعيكم
السلام
عليكم ورحمة الله ..
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على أكرم المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد
:
الموضوع / مــن
يـبلـغ عــن عـبد آيـة ؟ !
في
البدء لزاما علي أن أشكر جهودكم الطيبة ، واسمحوا لي بالتالي :
1) كم
يثلج الصدر أن نسمع كثيراً السادة العلماء والدعاة الأفاضل ـ بارك الله بهم
وبعلمهم ـ بأن الدعوة إلى الله ليست حكراً على فئة من المسلمين ، بل هي واجب على
كل مسلم بقدر استطاعته ؛ وهذا مـا شجـعني على أن أبعث هذه الرسالة ـ بعد الاستخارة ـ لعل الله يـبـــــــــــلغ عن
عبده .
2) إذا مـنَّ الله على عبد فحبب إليه عبادة وعلق
قلبه بها وفتـح عليه من إسرارها وصارت كتابـا ( صلاة الاستخارة ..كيف تتقنها لتعبد الله على بصيرة([28])
وتجدد إيمانك ؟!) ؛ لـزمه السعي بـقوة لتبليغها ونشرها ، وأن لا يخجل من كونه
مغمورا أو غيرها من الأمور المثبطة الكثيرة فزكاة النعم شكرها ببذلها .
3) ثم لحكمة يريد أن يقضيها علام الغيوب
سبحانه عــز على العبد أن يخرجه للناس
ككتاب ولو أن يكون وقفا لله راجع موقع:
((وقفنا))..(( http://www.waqfuna.com )) .
4) ثم
لما كان أن عقيدتنا تحرم اليأس من روح الله استخار الله على طريقة أخرى لتبليغها
للناس، وهي أن اختار من الكتاب سلسلة من المواضيع رأى أنها الأهم من الناحية
العملية ،فجعلها مستقلة بذاتها بحيث لا تتأثر بكونها مستخرجها من الكتاب ـ كما هو
موضح في عنوان السلسة المرفقة ـ وذلك ليسهل تداولها حسب حاجة وذوق كل قارئ لما
يناسبه .
5) نظرا
لصعوبة إرسال جميع السلاسل ؛ فمرفق مع هذه الرسالة ، السلسة الثانية وهي : ((كاشف
نفسك .. لماذا تستخير قليلاً ؟ )) فإن أعجبتكم تفضلتم بنشرها في موقعكم أو تصويرها
وتوزيعها حسب ماترونه مناسباً وإن رغبتم
بالسلاسل الأخرى فسوف يتم إرسالها إن شاء الله تعالى .
وأرجو
المعذرة إن حصل قصور فخبرتي في النت ومراسلة المواقع وطرق تعاملها قليلة .وجزاكم
الله خيراً .
والسلام
عليكم ورحمة الله .
اللهم فهذه غاية قدرتي فأرني قدرتك واجعل أفئدة من الناس تهوي إليها وأرني ثوابها
في الدنيا والآخرة . اللهم إن كنت قد بلغت فاشهد واشهد على من يحجبها عن أهلها .
سند
بن علي بن أحمد البيضاني
ملاحظة : معذرة
لا يوجد رابط للمرفقات([29])
.
انتهى
نص الرسالة
4) وكالعادة لم يصلني أي رد إلا من موقع صيد
الفوائد فقد نشرها من أول سلسلة وفي نفس اليوم أو اليوم التالي ثم أرسلت لهم بقية
السلاسل وهي موجودة بعنوان (( سلسلة مسائل مهمة في صلاة الاستخارة )).
أسئلة إيمانية لمكاشفة أنفسنا.
هل هذه الرسالة ركيكة
المعنى بحيث لا تحرك قلب مسلم فضلاً عن موقع إسلامي أو عالم أو داعية ؟ فإن كان غير ذلك ، فأين الخلل ؟ ومن للمسلم الذي يبعث برسالة ولا يحسن البيان ؟ولا يحسن إتقان لوازم الاستخارة ؟ وهل يصعب إرسال رسالة بكلمة نعتذر؟ وهل هناك من يعلم أن السكوت أعظم إيلاما ؟
·
اعتذار
كنت
قد ذكرت في (صلاة الاستخارة.. وتطوير وتحقيق
الذات) بأنه لم يصلني أي رد إلا من موقع صيد
الفوائد ولكن فيما بعد لحظت([30])
في صندوق الوارد جاء رد من الدكتور صلاح سلطان قبل إرسال
الكتاب إلى موقع صيد الفوائد ، ويخبرني : ((.. لم
أستطع قراءة الرسالة لما هي عليه من حالة من الأرقام .. يمكنك إرسالها مرة أخرى على شكل ملف
ارتباط word ..))،فـجزاه
الله خيرا.
·
تنويه
وكذلك جاء رد([31])
من ( مـوقع
المسلـم ) بعد إرسال الكتاب ويخبرني : ((.. بأن الرسالة
وصلت ويأمل مني إعادة إرسال المادة لمراجعتها والنظر في نشرها في موقع المسلم ..)) ، فبعثت السلاسل الثلاث الأولى والسلسلة الرابعة المعدلة (صلاة الاستخارة.. وتطوير وتحقيق الذات) في نفس الليلة التي وصلت فيه، وكانت بعد يوم من
إرسالها إلي ، ثم جاء منه رد يقول:(( ..وصلت المرفقات واطلعت عليها فرأيت فيها جهدا طيبا
وعلما نافعا؛ولكن لم يتضح لي طلبك من موقع المسلم بخصوصها ؟ هل هو النشر الالكتروني
؟ وهل نشرت سابقا في صيد الفوائد أو غيره ؟بانتظار ردك .والسلام عليكم )).فجزاه الله خيرا على هذا الاهتمام والثناء .
ثم
كتبت إليه:((.. يسرني نشرها في موقعكم في قائمة
الكتب ، كل سلسلة لوحدها برابط مستقل أو حسب ما ترونه مناسبا ، وكان موقع صيد
الفوائد قد نشرها في نفس اليوم وكنت قد ذكرت ذلك فـي ( صلاة الاستخارة وتطوير
وتحقيق الذات) ثم لما وصل ردكم ، ذكرت ذلك في ( هذه قصتي مع صلاة الاستخارة
منذ عشرين عاما وما زالت أحداثها مستمرة.. )).
وإلى اليوم
(23 /12/1428هـ) الموافق ( 1 / 1/2008م) لم تنشر، وهو اليوم الذي بعثت فيه
هذه القصة إلى موقع صيد الفوائد .
رابعاً:
لحظة صدق من مكاشفة النفس([32]) كانت سبباً لـ ...
بعد أن كتبت تلك
الرسالة(( من يبلغ عن عبد أية))
وأثناء مراجعة صيغتها النهائية شعرت برهبة وضيق في الصدر من إرسالها ، وذلك:
·
قد
يساء فهمها.
·
عاد
سريعاً شريط ذكريات الماضي لكل تلك السنوات من المراسلات وخصوصاً الرسائل الأخيرة
لكتاب صلاة الاستخارة.
فقلت في نفسي هذه من
علامات الصرف ، ثم قلت: لماذا تخادع نفسك وأنت تعلم السبب([33])
الحقيقي؟ ثم قلت : (( يا رب أن نيتي لا تخفى عليك،
ولقد وصلني القول وما هذا بصرف ولكني ضعفت ، وعزت علي نفسي وقل ماء وجهي من كثرة
ما عرضت نفسي على الناس ، فاجعلني في حل من هذه الاستخارة
)).
أو بكلام نحوه. ولكنه لا إرادياً . ولكني أقوله وأنا أتذكر كل ما كنت قد كتبته في
الكتاب عن لوازم الاستخارة.
فانهمرت الدموع ولم
استطع الدعاء، وما هي إلا ثواني معدودة ، فإذا بـي أشعر بطاقة عجيبة ومعونة ربانية
ولا إرادياً وجدت نفسي أكتب ذلك الدعاء الموجود في نهاية الرسالة.
ü
سؤال إيماني :
ما هو السبب الذي سلب
الإرادة وجعلني أقول ما قلته في نفسي ؟ أليس لحظة صدق من مكاشفة النفس؟ فهذا هو المفتاح
الأول لمن أراد أن يصدق مع الله.
خامساً:
ولله الحكمة البالغة
1) بعد أن قام موقع صيد الفوائد- بارك الله به-
بنشر تلك السلاسل ورأيت إقبالاً عليها([34])،
قلت الآن الأمر قد نضج([35])، الإرسال الكتاب كاملاً، فاستخرت ثم
استخرت على استشارة أحد الأحباب المختصين في مثل هذه الأمور ، بأيهما أفضل:
أ) هل من الأفضل بعد ذلك إرسال الكتاب كاملا بهيئته
المكتوبة ؟ ليضاف إلى السلاسل ، لأنها
ليست مرتبة حسب الكتاب ؛ فالسلاسل تحتوي على الجانب العملي لأهم الأمور
التي أظن بأن القارئ محتاج إليها وليس فيها كثير من المسائل العلمية كما هو موضح
في خلفية الكتاب ،وحتى تعينوني على الأفضل أرفقت فهارس الكتاب .
ب) أم أجعل كل
الكتاب على هيئة سلاسل لعله يكون أنفع لمعظم الأذواق ؟؛ لأن معظم الناس يحبون الوجبات السريعة ولا يجيدون
القراءة الإبداعية .
ج) أم يتم الاكتفاء بالسلاسل الأربع ؟ ؛ لأنها من أهم
الأمور العملية التي قد يحتاجها القارئ .
2)
ثم أشار بأنه من الأفضل أن يكون الكتاب كاملاً، فانشرح صدري لذلك ، واجتهدت
لإعادة تنسيقه وتلوينه بما يناسب عرضه في الانترنت؛ لأنه كان معداً لدور النشر، ثم
بعد عدة أيام وقد أصبح شبه جاهز
شعرت
بشعور غريب بأن أتعجل بإرساله الليلة([36])
بعد إنجاز ما تبقى وفي تقديري البشري لن يأخذ أكثر من ساعتين.
3) وفي المغرب استخرت على إرساله تلك
الليلة مع أني قد استخرت من قبل على إرساله. ولكن ليطمئن قلبي من ذلك الشعور والذي
ظاهره يبدو من التيسير ، ولكنه في الحقيقة شعور لم
اعتاد عليه من قبل وبعد الاستخارة حصل الآتـــــــــــــي:
أ)
بعد خروجي من المسجد قابلت شخصاً؛ فأخبرني أن الآيات القرآنية التي في
السلاسل بعد تنزيلها من موقع صيد الفوائد تظهر على هيئة رموز، وعرفت السبب وقد
ذكرته في (صلاة الاستخارة وتطوير وتحقيق الذات).
ب)
بعد صلاة العشاء أسرعت لإنجاز ما تبقى لإرساله في تلك الليلة ، وأثناء كتابة
الرسالة التي سوف أرفقها مع الكتاب ، فجأة إذا بمستند الرسالة ((الوورد)) يتغير وتظهر به رموز ونقاط كثيرة يصعب معها
الاستمرار ، فاجتهدت في إصلاحه ، ثم رأيت كل شيء مكتوب على الورد بما فيه الكتاب،
قد حصل له نفس ذلك.ثم وجدت في الجهاز فيروسات فأزلتها واستمر ذلك إلى ما بعد منتصف
الليل، وبقي الخلل موجوداً في (الوورد) ، فعزمت
أن لا أرسلها تلك الليلة، ثم خطرت لي فكرة
لو هداني الله إليها منذ البداية لكان كل شيء على ما يرام في خمس دقائق ، لقد عملت
استعادة نظام لجهاز الكمبيوتر.
فمن
هذا بالله عليكم الذي صرف عني هذا الأمر وصرف هذا الأمر عني بهذه الطريقة ؟ ومن هذا الذي حجب عني طريقة إصلاحه ؟ أليس علام الغيوب القاهر فوق عباده . ولكن أكثر الناس
لا يعلمون ، فسبحان الذي لا يعجزه شيء وهو على كل شيء قدير.
ج)
وفي اليوم التالي استخرت على تأخيره لمدة أسبوع ؛ حتى لا أستخير كل يوم ، فقد كانت
هناك أمور كثيرة ينبغي أن أستخير فيها أولاً، ولكن الأهم أن
ذهب عني ذلك الشعور بالاستعجال في
إنجازه وإرساله.
د)
وفي المساء أو اليوم التالي كنت أتجول في مكتبة موقع صيد الفوائد فشد انتباهي في
قائمة التصنيف العام للكتب قسم بعنوان :(( تطوير الذات
والنجاح ))، وكنت من قبل أرسلت سلسلة بهذا الموضوع، ولأهمية هذا الموضوع في
حياة الناس استخرت على إضافة بعض الأمور التي رأيت أنها مهمة ، لتكون في ذلك الباب
، بعد أن كانت مخفية ضمن ((سلسلة مسائل مهمة في صلاة
الاستخارة )) في قسم التربية
والسلوك([37])،
فأخذَت تلك الإضافات والتنقيحات قرابة أسبوع أو
أكثر ، ثم أرسلتها فتيسر ولله الحمد ، وكان بعنوان ((
صلاة الاستخارة وتطوير وتحقيق الذات)).
هـ )
كنت قد ذكرت في كتاب (صلاة الاستخارة وتطوير وتحقيق الذات ) بأني سوف أجتهد بإذن
الله في إرسال نسخة أخرى من السلاسل بعد تعديل الخط للآيات القرآنية التي كانت
تظهر على هيئة رموز ؛ لأنها كانت معدة ببرنامج خاص – المصحف العثماني- لدور النشر
، وما كنت لأعلم الغيب بأن الأمور سوف تصير إلى ما صارت إليه، ولكن الخيرة فيما
اختاره الله .
وبعد أن أرسلته
اجتهدت لإكمال ما تبقى من الآيات، وفي جوف الليل تذكرت وكأني رأيت في التصنيف العام
لقائمة مكتبة صيد الفوائد قسم بعنوان (( قصص ))
وفي الفجر تأكدت ورأيتـه بعنـوان ( قصص مؤثرة )،
فاستخرت على كتابة هذه القصة ( الثانية) . ثم بعثت بالسلاسل المعدلة أثناء كتابة
هذه القصة ، فلله الحمد والمنة.
سؤال لنفحة
إيمانية:
من هذا الذي يدبر
الأمر ويصرف القلب ويشغل المستخير بشيء عن شيء بعد الاستخارة ليختار له خير
الأمرين في بديل آخر([38])،
فسبحان الذي يدبر الأمر ويفصل الآيات وينزل كل شيء بقدر معلوم إلى الوقت المعلوم
إنه بعبادة خبير بصير.
المسألة الرابعة: دروس وفـــوائد وعبر وتــأويل
أولاً: فقط ! للعلماء وطلبة العلم (( لقد عاد الفيروس ولكنه متطور جداً ))
1) معلوم أن أهل العلم هم ورثة الأنبياء ، وكما أن
أجرهم عند الله عظيم؛ فإن حسابـهم يكون أشد حسب توظيف
نيتهم فيما مــنّ
الله عليهم به، وهم من الأصناف أول ما تسعر بهم جهنم وهذا يجعل الأمر خطيراً جداً
وبالتالي ينبغي أن يكون همهم الأكبر الاطمئنان على إخلاص النية.
2)
يصير الإخلاص عزيزاً كلما كان نوع العلم أكثر شرفاً ، وكان في غير العبادات
المحضة عملاً ، وأشرف هذه العلوم على الإطلاق هو العلم الشرعي ، فلهذا قال يزيد بن
هارون: (( مـا عزت النية
في الحديث إلا لشرفه))([39]).
3)
هناك نظريات([40])
غربية حاولت تفسر دوافع الإنسان إلى العمل والإنتاج مثل:
أ)
نظرية الاحتياجات الإنسانية لـ (( ماسلو )):
(( إن الإنسان يتحرك لإشباع خمس حاجات رئيسية لديه هـي : تحقيق الذات، التقدير، الاحتياجات الاجتماعية، الأمن والسلامة، والاحتياجات
الفيزيولوجية. ويتم إشباع هذه الحاجات على مراحل بحيث يندفع الفرد لإشباع إحداها
فإذا فرغ منها وأشبعها انصرف إلى الثانية وهكذا )).
ب ) نظرية
التوازن لـ: ((كوفي))
(( ولخصت نظريته في أربع
احتياجات هي الروح والعقل والجسد والعاطفة. ويؤكد كوفي على ضرورة إحداث التوازن في
تلبية تلك الاحتياجات تحت شعار أن أعيش وأحب وأتعلم وأترك ورائي أثراً طيباً )).
والمفتاح
الأساسي لإشباع هذه الحاجات هو التوازن والتفاعل وإعطاء كل ذي حق حقه. كما يذكر
كوفي أن لدى الإنسان قدرات أربع هي: إدراك الذات "قوة الشخصية"، الضمير
الحي "قوة الإيمان"، الإدارة المستقلة "قوة الاستجابة"،
الخيال المبدع "قوة العقل" وأن التوازن مطلوب لها أيضاً. أهـ
4) إذا عدنا إلى آثار
السلف وتجاربهم وكاشفنا أنفسنا([41])، ثم عملنا مقارنة
مع هذه النظريات لوجدناها تتفق في قليل أو كثير مع الحقيقة ، فقد جاء عن كثير من
السلف y مثل([42])
: ((سفيان الثوري، مجاهد، سماك، حبيب بن أبي ثابت، هشام الدستوائي )) قالـوا: (( طلبنا هذا
الشأن ومالنا فيه من نية
ثم رزقنا الله النية من بعد )).
قال الإمام الذهبي: "سير
أعلام النبلاء /7/17"
(( قلت: نعم يطلبه
أولاً والحاصل له حب العلم وإزالة الجهل عنه وحب الوظائف ونحو ذلك ، ولم يكن
علم وجوب الإخلاص فيه ولا صدق نية فإذا علم حاسب نفسه وخاف من وبال قصده
فتجيئه النية)).
وقال في موضع آخر( 7/152)
- بعد أن ذكر أصناف الذين طلبوا العلم-:
((
فخلف من بعدهم خلف بأن نقصهم في العلم والعمل وتلاهم قوم انتموا إلى العلم في
الظاهر ولم يتقنوا منه سوى نزر يسير أو هموا به
أنهم علماء فضلاء ولم يدر في أذهانهم قط أنهم يتقربون إلى الله لأنهم ما رأوا
شيخاً يقتدى به في العلم فصاروا همجاً رعاعاً....)).
ويبدو أن نفس الفيروس
قد عاد بطور جديد ولم نتمكن من اكتشافه... وقد شخص سببه الإمام الشافعي وغيره
حينما قال: ( لا يعرف الرياء إلا مخلص ) وذلك لكثرة مراقبة ومحاسبة ومكاشفة المخلص لنيته.
وقال الإمام سفيان
الثوري : ( كانوا يتعلمون النية للعمل كما تـتـعلمون
الكلام ).
5)
معلوم
أن العنصر البشري أساس أي تغـير أو تغـيـير أو إصلاح ،وما الوسائل إلا عوامل
مساعدة ليس إلا، فبندقية بيد رام خير من صاروخ بيد من لا يعرف استعماله ، ولطالما كان الهم الأكبر عند الصالحين من أهل الورع والتقوى الاطمئنان
على إخلاص النية لما لهـا من بركة وأثر عظيم ومتعد في الدنيا قبل الآخرة ، ولقد
سئل حـمدون بن أحـمد : (( ما بال كلام السلف أنفع من
كلامنـا ؟)) فقــال: (( لأنـهم
تكلموا لعز الله ونجاة النفوس ورضا الرحمن ، ونحن نتكلم لعز النفوس وطرب الدنيا ورضا الخلق )) .
وفي
هذا العصر إذا تأملنا واقع المدخلات([43])
والمخرجات الدعوية والتي لها قرابة ( 70) عاما، ثم عملنا مقارنـة سريعة بين هذه المدخلات
والمخرجات الدعوية اليوم وبين المدخلات والمخرجات للسلف y
لوجدنـا العجب العجاب ولتفطر القلب حزنا وألمـا مما يراه ، فالمدخلات قديـما كانت
متواضعة جدا مقارنة مع مدخلات اليوم ، ولكن مخرجاتـها كانت عظيمة ، وهنا يبرز سؤال
مهم أيـــــــــــــــــــــــن الخلل؟ : هل في العالـــــم([44])
؟ أو طالب العلم ؟ أم كليهما ؟
أم .. ، فالمولى سبحانه لا يبارك بعمل الآخرة من أجل الدنيا، ولا بعمل الآخرة باسم
الآخرة ولكن يبارك بعمل الآخرة لأجل الآخرة ، وقد يبارك بعمل الدنيا لأجل الدنيا
لأنه صــــدق،
ولن تجد لسنة الله تبديلا. فالبركة في الدعوة علامة مهمة من علامات
الإخلاص الكثيرة والذي يجب أن لا يغيب طرفــة عــين عن كـل داعية عند كل عمل صغر
أم كبر والكلام هنا يخص ورثة الأنبياء وأتباعهم – طلبة العلم -.
6)
إذا كان طالب العلم يعتقد بأن كل إنسان ميسر لما خلق له ، ويعتقد أنه ميسر
لسلك طريق الدعوة ويجد ذاته فيها دون مراقبة ومكاشفة لنيته
في كل عمل صغر أم كبر ، فلن يستطيع بعد ذلك اكتشاف هذا الفيروس الذي تطور مع مر
العصور من خلال تلك الدوافع التي تقدم ذكرها ، وكذلك ضعف أو عدم وجود القدوة.
·
أسئلة إيمانية
لمكاشفة النفس ونقد الذات( هيا بنا نؤمن ساعة):
أ)
هل سمعت اليوم بأن عالما ًقال :طلبت
العلم بنية غير خالصة لله ثم رزقني إياها ؟
وإن لم تسمع فلماذا؟ ولماذا لمـا اكتشف السلف هذا
الفيروس أخبرونا به ؟ ولماذا لم يخبرنا به
الخلف؟ هل سبب ذلك أننا أحسن إخلاصا من السلف؟أم هي المصلحة والمفسدة([45])
التي أفسدت الدين في أحيان قليلة أو كثيرة ، وأصلحت احتياجاتنا ودوافعنا ، بعد أن
أصبحت في قليل أو كثير من الأحيان تقال بدون تحقيق دقيق أو ضوابط شرعية دقيقة([46]).
ب) ويبقى السؤال الأهم كيف يمكن الاطمئنان على
إخلاص النية بدون صلاة الاستخارة ؟ ، وهذه من الأشياء التي تؤكد بأن الرسول r
لم يستخر ولو مرة واحدة ، مع شدة حرصه على تعليمها لأصحابه
كالسورة من القرآن ،وذلك لأنه لا يحتاج للطمأنينة
على إخلاص نيته فقد عصمه المولى سبحانه وتعالى من
كل أنواع الرياء الخفي.( راجع مسألة : هل استخار الرسول r
؟)-الكتاب الأصل-
ج) أدعو كل مسلم غيور على دينه أن يسأل كل طالب
علم: لماذا نرى ثمار المخرجات فيكم لا تناسب ثمار المدخلات؟ وأن يسأل كل طالب علم شيخه نفس السؤال لعل الله إذا علم أنا نريد أن
نغير أو نصلح ما بأنفسنا ، أحدث لنا بعد ذلك أمراً.
ثانياً: فوائد تربوية
ونفسيه من قصة سلفية([47])
تقدم
معنا قصة تلك المراسلات الكثيرة،ولأهمية مثل هذه الأمور وغيرها،والتي قد أصبحت
شائعة في مجتمعاتنا العربية،مما يجعل بعض الناس يرونها هينة أوقد لا يلقون لها
بالا. ولما لها من أثر سلبي على الفرد ثم المجتمع ؛ أنقل تلك الفوائد التربوية والنفسية كاملة من تلك القصة ؛ لعل
الله ينفع بها عندما،فالاستفادة من الماضي مطلب شرعي، وفيها تسهيل وكسب لكثير من
الوقت والجهد لتراكم الخبرات، فكيف إذا كانت هذه الاستفادة من خير جيل أخرج للناس؟
!
عن ابن عمرt
حين تأيّـمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي ، وكان من أصحاب رسول الله e فتوفيَ في المدينة .
فقال
عمر بن الخطاب: أتـيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة، فقال: سأنظر في أمري، فلبث
ليالـي
، ثم لقينـي فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا.
قال
عمر: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت: أن شئت زوجتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم
يرجع إليَّ شيئاً، وكنت أوجد([48])
عليه مني على عثمان، فلبثت ليالي. ثم خطبها رسول الله e فأنكحتها إياه، فلقينـي أبو بكر فقال : لعلك
وجدت عليَّ حين عرضت عليَّ حفصة، فلم أرجع إليك شيئا ً؟
قال
عمر: نعم .
قال أبو بكر، فإنه لم
يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت عليً إلا أني كنت علمت من رسول الله e قد ذكرها(3)
، فلم أكن أفشي سر رسول الله e ، ولو تركها قبلتها(4)
ففي
هذه القصة فوائد تربوية ونفسية نفيسة نبو بـها حسب الآتــــــــــــــــــــي:
1) السكوت أكثر إيلامـاً
أن
السكوت عن الرد بعد الطلب له وقع مؤلم على النفس أقوى من التسويف، والشاهد على ذلك
أن عمر t وجد
في نفسه على أبي بكر أكثر عثمان t ،
فعثمان سوّفَ في الأمر، أما أبو بكر سكت عن الرد.
والسبب النفسي لمثل هذا الإيلام أن صاحب
الطلب أو الحاجة لا يجد ما يلتمس به العذر للآخر، وحجته إن فُتِحَ الموضوع سيعتب
على أخيه بقوله: (( ما منعه أن يقول لي كذا وكذا طالما يظن بأن له عذراً )).
فلهذا
على المسلم إذا طلب منه شيء أن يكون صادقاً و واضحاً، بحيث لا يعطي للآخرين عليه
حجة بسبب سكوته، فمثل هذا السكوت يؤدي إلى الاستياء أو ردة فعل غير شرعية ، وتكون
قد أعنت الشيطان على أخيك .
ومما
ينبغي أن يعلم أن السكوت نوع من أنواع الإعراض ، وهنا تظهر حكمة أخرى لأمر رباني
وهو: الإعراض عن الجاهلين ، أهمهــا:
·
الإعراض
عن الجاهل في معظم الأحيان قد يسبب له ألما أكبر مما إذا رد عليه، مما قد يدفعه
إلى أن يراجع حساباته مع العباد ورب العباد.
·
الإعراض
عن الجاهل قد يكون سبباً في عدم تهييجه، وهذا يعني تخفيف من شره، وخصوصاً إذا كان عنده
قدرة على الإيذاء .
شبهــة ورد
قد
يقول قائل: إن الرسول e كان يحجم على الرد في بعض الأمور فكيف التوفيق
؟
الجواب:
أ) معلوم شدة حيائه حيث
كان أشد حياءً من العذراء في خدرها ومع هذا كان يعرف من وجهه المنكر إذا سكت .
ب) معظم تلك الأحاديث – إن لم يكن كلها – لم يكن
فيها طلب، وهناك فرق بين السكوت عند الطلب ، وبين السكوت عند سماع قول منكر.
ج ) سكوته يكون أحياناً لانتظار الوحي ، وقد وقع ذلك
مع المرأة التي وهبت نفسها له.
د)
سكوته أحياناً يكون تفكراً في جواب يناسب المقام(1).
¨
إضاءة: ((إذا
كان السكوت أكثر إيلاماً فعلى المسلم أن يحسن استخدامه حسب نوعية المدعو)).
2)
بركة صــــدق المعاملة
والشفافية
الصدق والشفافية
الصادقة تمنع الشيطان من التحريش بين المسلمين
وإن كان قد رضيَ منهم ذلك وقد ظهرت هذا البركة للمسلمين خاصة وللإنسانية
عامة بأنقى صورها وذلك عندما تفرس أبو بكر الصديق باستخلاف عمر(2) y
وأصر على ذلك.
وتتمثل الشفافية
والصدق من هذا الأثر فـــي :
· قول
عمر t : (( وكنت أوجد عليه أكثر من عثمان )) .
· ثم
مبادرة أبي بكر لعمر y وقوله : (( لعلك وجدت عليَّ حين عرضت حفصة
)) .
فتصور يا عبد الله: لو أن هذه الدرجة
العالية من الصدق والشفافية(3)لم تكن بينهما!
3)
أهــمية تبرير المواقـف
من تلك القصة نخرج بفائدة أخرى وهي
أهمية تبرير المسلم لمواقفه، وألا يترك أخاه تتقاذفه موجات الظن الهائجة أو حتى
الهادئة، لأن عدم التوضيح يؤدي إلى الاستياء، والاستياء يؤدي إلى سوء الظن، وسوء
الظن يؤدي إلى سوء الفهم، وسوء الفهم يؤدي إلى سوء التفاهم، وسوء التفاهم يؤدي إلى
سوء الخلق.(4)
§ سـؤال : لماذا
وجد عمر t من
أبي بكر أكثر من عثمان y
؟
§
الجـواب : أليس لأن أبا بكر سكت – وقد كان معذوراً –
ولم يرجع له قولاً ؟ .
·
تحليل لطبيعة البشر: من يتأمل النصوص
الشرعية يجد معظمها معللة ، لأن ذلك أقرب إلى القبول والإقناع... الخ ، فإذا كان
رب العالمين – وهو الذي يسأل ولا يُسئل – يعلل أحكامه حتى تكون أقرب إلى القبول
والإقناع ، فمن باب أولى وأوجب أن يحـرص المسلم على تعليل مواقفـه ليكون أقرب إلى
قلوب الناس، وهكذا كان فعلـه e .
4) أهمية التماس الأعذار
نستفيد من هذا القصة
أهمية إلتماس الأعذار لمثل هذه المواقف أو عند الاختلاف ونحو ذلك، لأن الذي سكت([49])قد
يكون معذوراً شرعاً، ولكن الآخر لا يعلم .
الشاهد:
أن أبا بكر ما سكت إلا لأن الرسول e قد أسرّه بأنه يريد الزواج من حفصة بنت
عمر y
.
· خطوات عملية وعلمية:
إذا حصل بين اثنين
مسألة كهذه فلابـد من أحد أمرين :
أ) إما بحث ومعرفة الأسباب مع الآخر قبل إصدار حكم
أو وصف.... ،حتى لا يظن أحدهما بأنه قد ظلم من أخيه فيصدر حكماً فيصل قوله إلى
الآخر فيصدر حكماً ... وهكذا يكمل الشيطان التحريش بين الناس.
ب ) أو إلتماس العذر لأخيه إلى أن يحدث الله بعد
ذلك أمراً.
توجـيه
وإرشـاد:
·
ما
يعمله اليوم الكثير من الناس باسم الورع حيث تراه يسكت ثم يسكت(2)
وهو يشعر بأنه مظلوم ، فهذا يؤدي غالباً
إلى الظنون ، ثم تكون النتيجة أن تأتى قشة فتقصم ظهر التقوى والأخوة ، ثم عدم
الإنصاف والفجور في الخصومة وهذه من صفات المنافقين.
·
النفس حدود تحملها محدود، فلا تطيل عليها
البقاء في طريق مسدود،لأنها إذا تنفست وأخذت حقها أو جزء منه هدأت وسكنت، وقد أباح
الله سبحانه وتعالى المعاملة بالمثل لأنه يعلم حقيقية تركيب النفس البشرية ، فالحق
تجده دائماً بين نقيضين وقد يكون الفرق بينهما دقيقا جدا فيؤدي إلى حكم غير سليم
أو ظالم بسبب عدم دقة التعريف لمعنى كلمة ما مثل التهور والشجاعة ، والجبن والحذر ، والجود
والإسراف ، وقد بعض السلف ( من حفظ المتون نال الفنون ).
·
إلتماس
الأعذار بشكل دائم وبدون مبرر شرعي مضبوط ليس من الورع بل من الغفلة، وقد يؤدي على
مزيد من المفاسد، فاحرص على ما ينفعك .
¨
إضاءة
((
إلتماس الأعذار سلاح ذو حدين، والنصوص قد تخدم الفريقين ،
والجمع والتوفيق بينهما أوجب من إسقاط أحد الدليلين )).
5) أحسن علاج لمنع تهدم العلاقات
ونستفيد
من هذه القصة علاجاً قوياً وفعالاً لمنع تهدم العلاقات بل تقويتها، ونجد أيضا أسلوباً
راقياً نستفيد منه في فن التربية وحسن المعاملة.
·
كيـــــــــف ذلـــــــــــــــك ؟
تصور(1)
لو حدث لك مثل هذه الحادثة أو حصل خلاف بينك وبين آخر، ولم تبادر بالتعبير عن
شعورك إليه أو لم تتفرس لهذا التغيير الخفي الذي طرأ في المعاملة، فماذا ممكن أن
تكون النتيجة على المدى البعيد إن لم يكن القريب ؟
إن
قـلت : لن أجد عليه في نفسي.
قيـل لك : هنيئاً لك فقد أصبحت أتقى و أنقى من عمر t .
وإن قلت : سأجد عليه
في نفسي.
قيـل لك : لماذا لا
تكون مثل أبي بكر tفتبادر
في طرح ما تشعر به ؟
·
خطوات عملية:
إذا
كنت من الذين لا يجيدون فن المبادرة المباشرة لحل الأزمات ، كما فعل أبو بكر t فحاول أن تختار أحد الأسلوبين :
1)
اجعل مبادرتك بأسلوب
غير مباشر مثل قولك: (( أراك متغيراً هذه الأيام )) أو أي عبارة تراها مناسبة، ثم
حاول أن تجد مدخلاً إلى قلبه من لسانه.
أي
باحثه من خلال الكلمات التي سيقولها وستجد هنا – بإذن الله – نقطة ضعف منه تستطيع
استثمارها لمعرفة الحقيقة .
تنبيه:قد تكون هذه الطريقة صعبة على الكثيرين
ولكن الطريقة الثانية أسهل .
2) حاول أن تجعل بينكما طرفاً ثالثاً يكون محل ثقة عندكما،
فإصلاح ذات البين شأنه عظيم.
·
جمع و
توفيق
محل تلك الخطوات إذا
كنت ترى أن المعدن الذي تتعامل معه كريم ، أما إذا كنت ترى أنك تتـعامل مع معدن
لئيم – فليس هذا هو العلاج وليس هنا مجال بسطه – وعليك حينها أن تتذكر قول الإمام
الشافعي – رحمة الله -: (( أظلم الناس لنفسه: من تواضع لمن لا يكرمه، ورغب في مودة
من لا ينفعه ، وقَبَلَ مدح من لا يعرفه )) مناقب الشافعي 1/23
للبيهقي .
ولكن لا مانع من
المحاولة فأنت مأجور في جميع الأحوال إن شاء الله تعالى.
6) كيف تصفـى الخلافات والظنون
من خلال ما تقدم من فوائد في قصة أبي بكر وعمر y وجدت أن هناك
خطوات عملية يمكن اتباعها لتصفية الخلافات والظنون ، ولكن ذكرت بشكل متناثر، فخشيت
ألاَ يحسن البعض الانتباه لجمعها، فلهذا أحببت أن أذكرها هنا بشكل منفرد وموجز
لعلها تكون أعظم ثمرة، وأسأل الله التوفيق.
1) التعامل بصدق
مع الآخرين فيه من البركة يغفل عنها الكثيرون ولو كان من بركتها إصلاح الأعمال
لكفى، قال تعالى:
·
] أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ
اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدا يُصْلِحْ
لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ . [ ([50])(
الأحزاب / 71)).
·
] إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ
الْمُفْسِدِينَ [ ((يونس /81)).
2) تبرير المواقف بقدر المستطاع حتى لا يقع ضحية
لسوء الظن و... .
3) إذا طُلِبَ منك طلب فلا تسكت ولا
تعرض ، فإن هذا يترك أثراً سلبياً في نفسية أخيك، ولكن وضح
موقفك بأحسن الأساليب الممكنة أو حتى تعلّمها.
4) حاول أن تلتمس
العذر لأخوتك الصالحين ، لأنهم قد يكونون معذورين ولكن بدون إفراط أو تفريط، فلا
أحد معصوم،وقلوب العباد في إصبع الرحمن يقلبها كيف ما شاء.
5) بادر إلى معرفة
الأسباب عند شعورك بتغير أخيك منك.
6) إذا حصلت مبادرة خير من أخيك أو غيره، فلا تلعب بأعصابه
وكأنه أمام لغز عظيم، بل كـن شجاعاً صادقاً
معه، فالمؤمن مرآة المؤمن.
7) إذا لم تستطع المبادرة – لأي سبب كان – فاطلب
المساعدة ممن تثق بدينه وعقله، طالما وأنك تزعم بأنك تبحث عن حق.
8) إذا لم تفلح كل هذه الخطوات فاعلم أن في الناس
أبدال ولا يأسى على الحب إلا النساء([51]) .
¨
إضــــــــــاءة:
(( من
بالغ في الخصومة أُثِمَ، ومن قصّر فيها خُصِمَ، ولا يصدع بالحق من هاله غضب الرجال
([52])))
ثالثا : هل يجوز السكوت عند تعارض أمرين
التربية الجيدة شيء عزيز وطريقها طويل وتحتاج إلى صبر وسبر وحافز مستمر([53])،فلهذا لا تعجب إن رأيت كثيراً من المسلمين اليوم قد
قصروا في هذا الجانب ،وهنا نذكر حديثاً نستفيد منه خصلة من خصال التربية الجيدة
لصنع مستقبل أفضل ،فالمسلم لا يحقَر من المعروف شيئاً .
فعن ابن عباس y قال: (( إن رسول الله e مر بشاة ميتة فقال هلا استمعتم
بإهابـها ؟ قالوا: إنها حرم أكلها([54]) )).
كان قد فهم الحاضرون قوله تعالى ] حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ[ أنه شامل لجميع أجزائها في كل حال، فبالتالي أشكل عليهم الإرشاد الثاني، وهو الاستفادة من جلودها.
قال ابن أبي جمرة (( الفتح /9 /658
)).
(( وفيه مراجعة الإمام فيما لا يفهم السامع معنى ما أمره، كأنهم قالوا كيف
تأمرنا بالانتفاع بها وقد حرمت علينا )).
إرشاد ودلالة:
نستفيد من الحديث وما رافقه من حيثيات إن الأشكال إذا حصل بسب تعارض قولين
؛ الآتـي:
§ وجوب الاستفصال حتى يعلم الراجح أو المقصود، ومن فائدة
ذلك منع سوء الظن بأن هناك تناقضاً من المتكلم .
§ السكوت في مثل هذه الحالات له دلالات ينبغي التنبه لها
مثل: الإعراض عن العلم أو الحق، أو الخجل(1) ، أو الخوف ،الرغبة في إتباع
المتشابه ...
¨
إضاءة:
(( الإيمان قيد المؤمن، والاستيضاح من العلم، والعلم من الإيمان،
فاحرص على تقييد نفسك))
رابعــــــــــا: مناقـــــــشــات
1) قد يقول قائل هناك أناس كثيرون حصل لهم مثلك ،
فلماذا هذه الحساسية والتكبير للأمور؟
الجواب:
الأصل في المسلم أن
يوافق قوله فعله ، فكيف بمـن نذر نفسه للدعوة ويعتقد بأنه ميسر لذلك ؟ كما أني لا أتحدث
هنا عن نفسي ، بل عن أمر قد يكون صار ظاهرة .ولعل هذا الأمر مفتاح لخير كثير بإذن الله.
2) وقد يقول قائل : ( إن كثرة الرسائل الواردة
والانشغال في الدعوة هما السبب ) ؟
الجواب:
·
معلوم
أن النية تسبق العمل وعلى قدر النية تكون المعونة فلهذا تعتبر المعونة علامة من علامات الإخلاص
الكثيرة.
·
كيف
يمكن التوفيق بين عدم رد هؤلاء وبين غيرهم الذين قاموا بالرد والنشر؟.
·
كيف
يمكن التوفيق بين مثل هذا السلوك وبين حديث أنس t قال :كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد
الرسول r فتنطلق به حيث شاءت.
(رواه البخاري وغيره).
3) يبقى الاحتمال الأكثر واقعية في عدة أمور سلبية
أهـمــهــا:
·
ضعف
الشعور بالمسئولية تجاه حقوق المسلم .
· ضعف
في الكفاءة من حيث الإدارة وتنظيم الوقت بحيث يمكن الرد ولو بعد حين ولكن المهم أن
لا تـهمل.
أسئلة إيمانية لمكاشفة أنفسنا.
· هل
ممكن نتصور كيف سيكون ردة الفعل إذا حصل كل ذلك لغير متقن للوازم الاستخارة([55])
؟.
· هل
نحن بحاجة إلى مكاشفة نياتنا لمعرفة سبب إنشاء مثل تلك المواقع ، وخصوصاً التي تحت
أسماء بعينها؟
· ما
نية([56])
من يكتب في الصفحة الرئيسة لموقع ما... المشرف العام فلان ابن فلان.
·
كيف
يمكن الاطمئنان على إخلاص النية لمثل كل هذه الأمور بدون استخارة([57]).
خامسا : ما
تأويلك لتلك الاستخارات؟
1) توضيحـــــــــــات مهمة
أ) قد يظن بعض أو كثير من المسلمين أن الاستخارة
مجرد ركعتين بدعاء مخصوص ، وهي ليست كـذلك ، بل تحتاج إلى إتقان كالقرآن من خلال
العلم النظري والعملي ، ومن هذا الإتقان حسن الظن
بالله عن اعتقاد جازم،
وعلى قدر هذا الاعتقاد قد يلهم الله المستخير التأويل([58]) لقرائن الصرف من حيث الخصوص فيطمئن قلبه وتسكن
نفسه ويصلح باله إلى هذه الاستخارة أو تلك.وهذا الإلهام أيضا قد يكون علامة من علامات صدق طلب الخيرة وحسن إتقانها . ولمزيد من الفائدة انظر
السلسلة الرابعة، أو الرابعة المعدلة ( صلاة
الاستخارة وتطوير وتحقيق الذات ):علامات وثمار
إتقانها.
ب) جاءت أحاديث قدسية بروايات متقاربة تبين أهمية
حسن الظن بالله منها:
((أنا عند ظن عبدي بي
، فليظن بي ماشاء)) رواه البخاري ومسلم.
((أنا عند ظن عبدي إن
ظن خيراً فله، وإن ظن شراً فله)) رواه أحمد وابن حبان والحاكم وإسناده صحيح.
ج ) في هذا الباب سوف أحاول – بإذن الله- أن أقرب
هذا الأمر بعدة أسئلة تسهم بإذن الله في تدريب الناوي على إتقانها من خلال تأويل
الاستخارات التي وردت في هذه القصة ،
وأرجو من الناوي أن يجيب على الأسئلة ويراسلني بها مهما كان نوع التأويل ، بل
ويسعدني ذلك ، للاستفادة من بعضنا ، وحتى تأخذ الاستخارة حقها من التعليم والتعلم([59]).
2) ما تــــــــأويلــــك فــــــــــــي:
أ)
عدم تيسير طباعة الكتب التي قبل كتاب ( صلاة الاستخارة ..كيف تتقنها لتجدد
إيمانك !؟) ؟
ب) عدم تيسير لمزيد من التقديم لكتاب (صلاة
الاستخارة...) من العلماء الأكثر شهرة في العالم العربي الذين راسلتهم؟
ج ) عدم تيسير طباعته على نفقتي؟
د ) عدم تيسير طباعته على نفقة دور النشر؟
هـ) عدم تيسير طباعته على نفقة أهل الخير والعلماء
ومراكز البحوث والجمعيات والمؤسسات الخيرية؟
و ) عدم تيسير إكمال كتاب ( إخلاص النية... كيف
تتقنها لتجدد إيمانك..)؟
ز ) عدم تيسير ذكر نص الرسائل التي بشأن طلب
التقديم وطلب طباعته( إبراء ذمة من بحث مهم
)؟
ح ) تيسير ذكر نص الرسالة: ( من يبلغ عن عبد آية)؟
ط) تيسير نشر السلاسل الأربع ( سلسلة مسائل مهمة
في صلاة الاستخارة )؟
ي) تيسير نشر (صلاة الاستخارة وتطوير الذات ) ثـم (
هذه قصتي مع الاستخارة...) بعد أن استشرت وانشرح صدري واجتهدت لإرسال الكتاب
النسخة الكاملة .
سادسا : خلاصــة لأهــــم مقاصد
البحث
بكوننا أمة مأمورة بالتيسر، فمن الجيد لأي كاتب
أن يسلط الضوء في آخر كتابه على أهم الأمور التي قد تكون تناثرت في ثنايا بحثـه ،
ليبقى قصـد البحث في ذهن القارئ
أطول وقت ممكن ، وأكبر قدر ممكن ؛ لأنه قد
يصعب على بعض القراء تحديد الهدف بالدقة التي كان يرجوها الباحث ، من وراء كل ذلك؛
فلهذا سوف أحاول هنا ذكر بعض الأمور:
1) يجــــــب على المستخير بشكل
خاص حسن الظن بالله ؛فمن أسلم عقله لله عن طلب
ليس كمن لم يسلم عقله لله، ومن هنا يبرز دور التوكل والعمل بمقتضيات صفات الخالق
سبحانه ، فتوحيد الأسماء والصفات ليس علما للتصدير
فقط ، وليس علما للتفاخر والتمايز به على الآخرين ،
بل هو اعتقاد وعمل به ،كما هو مقرر عند أهل السنة .
2) يجــب الاهتمام
بكل فكرة جديدة تأتي بعد الاستخارة ؛ ثم الاستخارة عليها ، إلى أن يتيسر الأمر
ببديل آخر أو تصرف بعد ذلك عنه كله ، وهذه الأمور لها علاقة قوية ومهمة بنضوج
المسائل مع مرور الوقت ،والتي لا يعلم صلاح وقتها إلا علام الغيوب بالوقت المعلوم
بقـدَر وقــدْر معلوم .
3) ينبغي الانتباه والتمييز بين الشعور([60])
الغريب الذي قد يقع للمستخير في بعض الأحيان ويظن أن ذلك من الصرف أو التيسير،
وعادة ما تقوى ملكة التمييز لمثل هذا الشعور مع صدق طلب الخيرة وكثرة الاستخارة وإتقانها،
فتمييز قرائن الصرف والتيسير مبنية على الإلهام وقد تم الحديث عن ذلك بتفصيل في
الكتاب في مبحث ((الاستخارة وحي هذه الأمة )).
4) ينبغي للمستخير الانتباه إلى تثبيط الشيطان
وكيده الضعيف من خلال التخويف ورهبة المواقف التي قد تقابل المستخير، وذلك
بالتفريق بين لمة الملك ولمة
الشيطان ، من خلال مكاشفة النفس بالباعث والسبب
الحقيقي، وقد تقدم ذكره في باب:(لحظة صدق ....).
5) من الأفضل لطلبة العلم عند نصح العامة،
بتركهم على فطرتهم في اختيار الدعاء لقضاء حوائجهم من الكريم المنان سبحانه، وأن
لا يشددوا بضرورة الدعاء من خلال الصيغ التي وردت عن خير البرية r
، لأن ترك الإنسان على فطرته في الدعاء، يساعد على الدعاء بقلب
خاشع وعقل حاضر وبدون تكلف وهذا بالتالي يساعد على التركيز على التضرع والإخلاص
ونحو ذلك، مما قد يؤدي إلى سرعة الإجابة والمعونة الربانية.
ويؤكد
ذلك قصة ذلك الرجل الذي سأله الرسول صلى الله عليه وسلم.. فقال له: ((ما تقول في
صلاتك؟)) فقال: ((أتشهد ثم أقول اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني
لا أحسن دندنـتـك ولا دندنة معاذ)) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((حولها ندندن)) ([61]).
والشاهد:
أنه تركه على علمه وفطرته لحكمة، وما عسى أن تكون هذه الحكمة غير الذي تقدم
تعليله.
6)
ينبغي للشباب المسلم
عدم اليأس من واقعنا المخزي والمظلم معاً، بل عليه الاستفادة من فراغه وصحته في
الأشياء المفيدة ، لتحقيق ذاته
ومن ثم تصحيح النية بالعلم والعمل، وإذا أراد العكس فليس هناك حسب ظني من خلال
تجربتي والواقع أحسن من صلاة الاستخارة للاطمئنان على إخلاص النية.
وقد تكون قصة أو تجربة لشاب مفتاحاً
لتحقيق ذاته ولغيره، ومفتاحا لخير عظيم ؛ إذا نشرها، ولله الحمد والمنة يوجد في
مكتبة موقع صيد الفوائد قسم لذلك، وأظنه يرحب بكل قصة تصل إليه ولا نزكي على الله
أحدا.
7)
إحياء
أو تفعيل مبدأ مكافأة المحسن بشكره([62])
وذكره بعينه،لمـا له من أثر عظيم على الفرد والمجتمع ،وقد لا يعلم أثره إلا أهل
التخصص ؛ ومن ذلك أن جاء في الحديث الصحيح :
· ((لا يشكر الله من لا
يشكر الناس)) أخرجه الترمذي وأبو داود
وغيرهما،
· ((ومن آتى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم
تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه)).أخرجه النسائي وأحمد والحاكم .
8)
أحياء أو تفعيل([63]) مبدأ النصح للمقصر
والتذكير للمؤمن والتنبيه للغافل والتعليم للجاهل وتأهيل غير الكفء ، ونقد ذاتـنا بكل شفافية، فمهما بلغنا من العلم والعمل
والإخلاص فلن نكون أحسن من السلف الصالح رضوان الله عليهم.
ومثل هذه الأمور تجعل بإذن الله المخالف للحق - مقصراً كان أو غير ذلك -، يظن
بأنه سيكون في يوم من الأيام عرضة للأقلام والألسن الصادقة والشامتـة وإن لم يُـذكر
اسمه بعينه ؛ فالحق أبلج والباطل لـجلج، وهذا بالطبع في أقل الأحوال، وكل ذلك يعينه
بإذن الله على الاهتمام بحقوق المسلم وتطوير ذاته إن كان بحاجة إلى ذلك ؛ طالما
نذر نفسه أو يعتقد بأنه ميسر للدعوة.
9)
كنت قد ذكرت في نهاية
القصة الأولى ((ولعل للقصة بقية في كتاب آخر))، وأبـى الله إلا أن تكون في هذا
الكتاب من خلال الإضافات التي استجدت كالقصة الثانية والسلاسل الأربع وصلاة
الاستخارة وتطوير وتحقيق الذات، وغيرها من السلاسل إذا يسر الله ذلك فالخير فيما
يختاره الله .
10)
لعل فيها شرح تفصيلي
لما تم تأصيله في السلسلة الثالثة (كيف تتقنها ؟)، وبهذا يحصل إشباع – بإذن الله – للمسألة لمن أراد
الله أن يشرح صدره لإتقانها والإكثار منها وهذه من حكمة علام الغيوب في نضوج الأمور وكان الله عليماً خبيراً.
سابعا:
ومسك الختام في قصة لطيفة واكتساب خبرة..
1)
هناك إحصائية بأن
نسبة الأمية الإلكترونية ( الحاسوب والإنترنت ) في الوطن العربي أكثر من 97%،
وأنا واحد من الذين تحرروا قريباً من هذه الأمية، وما زلت أتعلم وأحب أن أتعلم.
2)
كنت عندما أبحث عن
موضوع ما في محرك البحث (جوجل )، وأجد ما أبحث عنه
؛ أدخل الموقع عبر الرابط الذي وجده (جوجل ) ،
وكنت في كثير من الأحيان أقابل معوقات من هذا الموقع أو ذاك، حيث تشترط بعض
المواقع التسجيل والاشتراك، ونحو ذلك مما هو معروف ؛ لكي تستطيع بعد ذلك تحميل ما
تبحث عنه، وغالباً عندما أقوم بالتسجيل تظهر رسالة تخبرني أن عنوان البريد غير
صحيح أو الاسم مكرر أو... فيضيع الوقت
والجهد والمال، ثم أرجع بخف حنين.
3)
ثم بعد أن نشر موقع صيد الفوائد السلاسل الأربع (سلسلة مسائل مهمة في صلاة الاستخارة)
و ((صلاة الاستخارة وتطوير تحقيق الذات )) لاحظت الآتـي:
أ-
بعض المواقع قامت
بالإحالة إلى رابط المصدر الأصلي وهو مكتبة صيد
الفوائد، فجزاها الله خيراً وكل من أسهم في ذلك.
ب- بعض
المواقع تنشر العنوان ، وعندما تريد التحميل تشترط الاشتراك والتسجيل لتسمح لك
بالتحميل، فحمدت الله بأني ما راسلت إلا المواقع الإسلامية مع رغبتي الشديدة في
نشرها ولكنها بركة الاستخارة.
ج- موقعاً
قام بنشر (( صلاة الاستخارة وتطوير الذات )) ، وفي رابط الصفحة أظهر عنوان الكتاب واسم المؤلف، وحــــذف
من الصفحة الرئيسة للكتاب([64]):
·
أخي
المسلم شارك مع إخوانك في الصدقات الجارية ليوم لا ينفع فيه مال ولابنون.
·
مكتبة
صيد الفوائد. (( أي الموقع الناشر))
· أرقام هواتف... لمحلات
نسخ في اليمن ، عندما كانت سلاسل ورقية ليسهل الرجوع إليها للذي يريد الحصول على
السلاسل كاملة .
والنية
من فعله معروفة ؛ حتى يخفي المصدر الأصل ليضطر الراغب بتحميله إلى الاشتراك
والتسجيل.
4)
لأن الكتاب كتابي
وأعرف مصدره اكتشفت أمراً كنت أجهله:
أ- كنت
أظن من سابق أن مثل هذه المقالات أو البحوث ونحو ذلك هي من تأليف العضو المسجل في
الموقع، ثم لما أنظر إلى عدد إسهاماته أتعجب من كثرتها وفي بعض الأحيان تفوق
الألف، وما كنت أعلم أنه ليس إلا ناقلا -في معظم الأحيان - لها من موقع آخر.
ب- اكتشفت
بأنه من الممكن وبسهولة الاستفادة والاستغناء عن المواقع التي تشترط التسجيل، وذلك
بعد أن يحيلك محرك البحث "جوجل" إلى موقع من تلك المواقع ستجد العنوان
كاملاً وقد تجد بعض المعلومات الأخرى وتستطيع بعد ذلك تمييز إن كان يلبي ما تبحث
عنه أم لا.
فالعادة أن الباحث عن موضوع ما، يدخل في
مربع البحث كلمة أو كلمتين أو أكثر بحسب خبرته في البحث، وهذا ما يصعب الأمور، لأن
النتائج تكون بالآلاف عادة ، ولكن وجود العنوان كاملا
في هذه المواقع سيضيق فيما بعد مجال البحث ونتائجه، وذلك من خلال البحث المتقدم في (جوجل) كالتالـي :
· كتابة
العنوان كله أو معظمه في مربع (( تحتوي هذه الـجملة)).
· يوجد
في وسط صفحة البحث المتقدم إلى اليسار قائمة فيها عدة خيارات، فاختر (( في ارتباطات الصفحة ))، فإذا لم تجده ؛ فاختر ((في أي مكان من الصفحة)) ثم بحث.
وبإذن الله ستصل إلى المصدر الأصل أو موقع لا
يشترط التسجيل ،وبهذا يكون قد كسر هذا النوع من الاحتكار غير الشرعي للعلم النافع ،
وضمـّنا الحصول على المادة كاملة من غير حذف أو تحريف... ،ولعل مثل هذا الأمر له
علاقة بثمار الاستخارة فتأملها، وتوجد في السلسلة الرابعة.
وفي الختام أسأل المولى سبحانه وتعالى
أن يخلص نياتنا ويصلح أعمالنا ويمنحنا ولا يمتحننا إنه على كل شيء قدير، والى
اللقاء بإذن الله في كتاب آخر- سلسلة أخرى – أو الكتاب كاملا ، إذا
كانت الخيرة في ذلك فالخير كل الخير فيما يختاره علام الغيوب سبحانه .
حيطة ودعوة:
أخي المسلم : إذا كنت تشعر بأنك لن
تحتاج إليها في يوم من الأيام فلا تحتفظ بها، بـــل تصدق بها لآخر لعل الله ينفعك
وينفعه بها ، فالدال على الخير كفاعله .
ولا تــــنســــــــــوا إخوانكم من صالح
الدعـــــــــــــــــاء
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
http://saaid.net/
[3] ) هناك
إحصائية مخيفة بأن معدل متوسط
القراءة للفرد في العالم العربي ســــت دقائق
سنويا.
([4] )
انظر السلسلة الثانية "لماذا تستخير قليلاً/ السؤال الأول" .
عادة بأي نية تستخير؟ وهو منشور في موقع صيد الفوائد/ قسم التربية والسلوك / تحت عنوان ( سلسلة مهمة في
صلاة الاستخارة) .
[7]) )
أصل هذا الباب عن مقالة نشرت في موقع( العقل التربوي) بعنوان ((القراءة الإبداعية)) ، و لطولها
اختصرتها بما يناســــــب المقام مـع بعــض التصرف و الإضافات 0
[8] ) ويبدو من الأفضل
أن تكون الفهارس في الكتب الإلكترونية في مقدمة الكتاب للتيسير وغيرها من المصالح
المرجوة.
[9]) ) لمزيد من الفائدة انظر ( فرائد الفوائد /
الجزء الأول / باب العلم / فوائد تحديد الهدف ) .
[10]) )
انظر مقدمة كتاب ( الانتصار للألباني ).
([11])ومرة في معرض
الكتاب العربي عُرض علي عرض قد يقبله أي شخص في مثل وضعي دون تمهل ، فصرفه الله عني ، وكان يريد تخريجاً وتعليقاً
لكتب الإمام ابن القيم .
([12] ) لمزيد من الفائدة انظر لـــــزامـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاً ((مجموع الفتاوى /8/190)).
([17]) ولو يعلم القارئ الكريم قصة كتابة هذا الحاشية
، فقد يتعجب من رحمة الله على إيصال الحق إلى العبد وإلهام المستخير إلى فهم قرائن التيسير أو الصرف وسوف يأتي ذكرها .
([18]) من باب الأمانة الشرعية والعلمية أقول : كنت
قد كتبت من قبل شيئاً في ذلك لأدخله في هذا الكتاب ، ولكن بعد أن استخرت صرف
الله عني ذلك ولعله يكون في كتاب إن شاء
الله تعالى بفضله و منّه .
([19] )
قال الإمام سفيان الثوري (ما عالجت شيئاً أشدّ عليّ من نيتي لأنها تنقلب عليّ) ،
وقال غيره :( من لا يعرف نيته لا يعرف دينه) فحاول أن تتأملهما وتستخرج ما فيهما من
الفوائد.والتفصيل سيكون إن شاء الله في كتاب (إخلاص النية ..كيف تتقنها لتجدد
إيمانك وتعبد الله على بصيرة ؟)سهل الله إكماله .
([24] )وكنت قد استخرت وأنا أكتب القصة الثانية أن
أكتب نص الرسائل فصرف الله عني ذلك إلا واحدة وسيأتي نصها والخير فيما اختاره علام
الغيوب سبحانه.
([27] )من باب الديانة والأمانة العلمية في النقل
فهذه السلسلة لم أتمكن من توزيعها محلياً على هيئة سلسلة ورقية لتسارع الأحداث
وكانت كغيرها بحاجة إلـى إعادة تنسيق خـاص
لتناسب التوزيع على هيئة سلاسل ورقية .
[28] ) تصويب :حصل خطأ فهذه
الجملة ليست من اسم الكتاب ، بل في كتاب (إخلاص النية..)، فأبقيتها كما هي واكتفيت
بهذا التصويب .
[29] ) هذه الملاحظة كانت
للمواقع التي ليس فيها بريد مستقل للمرفقات .
[30] ) ولعلي لم ألحظها من كثرة الرسائل
العائدة- 42 رسالة- ومنها مكرر؛ لأنها
بُعثـت أكثر من مرة للتأكد .
[31] )
في تاريخ 8/12/1428هـ
الموافق 17/12/2007م ،أي بعد ( 17) يوما من تلك الرسالة التي كانت عبر الموقع و بدون مرفقات ،
وكنت حينها قد شرعت في كتابة القصة الثانية .
([34] ) في أقل من أسبوعين تم تحميلها أكثر من
(4000) مرة ، ثم انخفض بشدة بمعدل يومي (25)
مرة ، بعد أن انتقل من قائمة الكتب الجديدة إلى التصنيف الخاص به.
([37]
) وهنا يجدر بي أن أشيد بدقة فقه الذي وضع هذه السلسلة في
هذا القسم ولم يضعها في قسم العبادات أو نحو ذلك؛ لأن صلاة الاستخارة فيها إعداد
وتربية إيمانية وسلوك عملي ، أكثر مما هي عبادة محضة ، فهي ليست مجرد ركعتين بدعاء
مخصوص، فسبحان من هدى هذا إلى هذا.
([38] ) لمزيد من الفائدة انظر السلسلة الثالثة
" كيف تتقنها؟" وخصوصاً باب
قرائن الصرف/ ظهور أفكار جديدة.
([42] )" العلل ومعرفة الرجال /3/235" ، "حليلة الأولياء /5/285،
6/367، "سير أعلام النبلاء /4/455، " 7/17" ، "7/152".
[43] ) ويقصد بالمدخلات: كثرة انـتشار الوسائل
الدعوية من قنوات فضائية و جامعات وكليات ومعاهد ومحاضرات ودروس وغيرها من الأمور
الكثيرة المعروفة التي لا تعـد ولا تحصى .
والمخرجات : النـتائج والثمار التـي
ينبغي ويتوقع جنيها من هـذه المدخلات .
[44] ) ليس المقصود
العلماء المشهود لهم بالإخلاص والتقوى
لمزيد من الفائدة راجع كلام شيخ الإسلام في المتفقهة والصوفية ((مجموع الفتاوى /م 20/ص 72)). وما قبلها من
الصفحات .
([46] ) ومن أهم ضوابطها التي لا تكاد تـذكر ، أن المصلحة والمفسدة لا تمنع بيان الحكم ولكن قد تمنع تنزيل الحكم ،
ومثاله حديث ( لولا حداثة
قومك بالكفر لنقضت البيت ثم لبنيته على أساس إبراهيم ) ، وحديث( بئس أخو العشيرة ) . فكتمان البيان عند الحاجة إليه
لا يجوز ؛ لأنه كتمان للعلم وقد
توعد الشارع بوعيد شديد من يفعل ذلك
؛فلهذا ينبغي التفصيل للناس وخصوصا عندما تقع نازلة تقتضي ذلك وما أكثر النوازل اليوم ، وحتى لا يساء الظن بورثة الأنبياء .( انظر فرائد الفوائد /2/
باب الخلافة والحكم/ فوائد بعنوان : ( السلطة والقدرة .. تعرف على نفسك )
([47] ) هذا الباب والفوائد التي فيه كنت قد
كتبتها في كتاب( فرائد الفوائد/ الجزء الثاني/ باب التربية ) منذ أكثر من ثلاث
سنوات، وقد تقدم الإشارة إلى ذلك في القصة الأولى ، وما من فائدة كتبتها إلا
باستخارة ، وهاهي اليوم بفضل من الله ومـــنّه
تظهر بعض بركة الاستخارة وأهميتها ، فسبحان الذي قال : " وما كان الله
ليطلعكم على الغيب" (آل عمران: 179).
(3) أي أنه eقد أسره بأنه يريد أن يتزوجها .
(4) أخرجه البخاري : (( الفتح / النكاح / باب 33
/ حديث 5122 / م9/ ص176 )) .
(1) (( انظر الفتح / / النكاح/ باب 50 / حديث 5149
/ م 9 / ص 206 )) .
(2) ((المستدرك على الصحيحين
/2/376)) للحاكم ،وقال : هذا حديث صحيح على شرط الصحيحين ولم يخرجاه .
(3) وأقصد بها أن
المؤمن مرآة لأخيه المؤمن ،وتتمثل في :
· أن أبا بكر
بادر في إزالة اللبس عندما أحسَّ بوجد عمر عليه . وهذا تفرس منه .
· لم ينكر عمر ذلك التفرس
بل صوبه وكان شفافياً معه ،ولم يجعله من سوء الظن أو أضغاث أحلام... الخ ،وهذا
عكس ما يفعله اليوم الكثير من الناس، حيث إذا وجد على أخيه ثم بادر الآخر لمعرفة
السبب وإزالته فقد يحاول الأول أن يخفي حقيقة شعوره وقد يوصفه بسوء الظن والتحسس
... الخ .والله المستعان .
(4) أي خصلة
من هذه الخصال إذا فقدت ،ذهبت معها بقية الخصال الأخرى ،وسوف نبسط ذلك – بإذن الله
– في كتاب بعنوان : (( انتبه الزيغـة الأولى – أصناف الناس - )) سهل الله إكماله
وإخراجه .
([49] ) بعض
الفوائد ومنها هذه الفائدة ليست محصورة بإلتماس العذر عند السكوت فقط ،بل تشمل كل
أسباب إلتماس الأعذار ،مثل : عند الاختلاف وما إلى ذلك ،وإنما خصت هذه الكلمة
لارتباطها بالقصة الأصلية .
(2) هذا
المنهج لم يكن يعمله الصحابة y ، بل كانوا يصفوّن
خلافاتهم ،وما يؤكد ذلك القصة المتقدمة ، وما وقع بين حذيفة وسلمان الفارسي y بخصوص سب الرسول e لبعض أصحابه . انظر القصة كاملة في سنن أبي
داود حديث 4659 / باب النهي عن
سب أصحاب الرسول e . والحديث صحيح .
(1) سوف يأتي
معنا – بإذن الله – في باب الأصول فائدة بعنوان (( على ماذا يبني التصور؟ ))
فراجعه ،لأنه يفيد في إعطاء فكرة كاملة وواضحة لتقييم الأمور بشكل أدق ويساعد على
ضبط المسار وما قد ينتج عنه من نتائج ،ومثاله أن الإنسان إذا علم أن الآخر بنى حكماً ما على التصور ،فهذا يساعد الطرفين
على تفهم المسألة المختلف فيها بل قد يتعداها إلى الحل أو التصحيح .
(1) راجع
تفسير هذه الآية .
[51] ) هذه مقولة قالها رجل لعمر t عندما وليَ
الخلافة ،والقصة تطول ،ولكنها أصبحت مثلاً لمن يرجى عدله ولا يرجى منه محبتك .
[52] ) (( أخبار القضاة 3 / 121 )). ابن شبرمة.
[53] )
أقوى حافز للاستمرار :
أ- وجود رؤية واضحة لنتائج الأمور بعيدة كانت أو
قريبة .
ب- وجود تربية جيدة تغرس القيم الإيجابية منذ
الطفولة ، حتى تصبح جزءاً من شخصية الفرد ، وهذا ما يفعله الغرب منذ عقود طويلة .
ج- وجود دافع ديني ، وهذا يساعد سريعاً للتجاوب
الإيجابي مع كل جديد مفيد ، وإن لم تغرس منذ الصغر وسيرة الصحابة خير شاهد على ذلك
.
[54] ) أخرجه
البخاري : (( الفتح / الذبائح /باب 30 / حديث 5531 ))
(1)
هناك فرق بين الخجل والحياء ،فليتنبه له .
([55] )انظر كتاب" صلاة الاستخارة كيف
تتقنها..." مبحث " أعمال قلبية ملازمة للاستخارة" ومع ذلك راجع قول
ابن تيمية وقد تقدم في القصة الأولى باب بدء المعاناة النفسية .
([56] ) تنبيه مهـــم للغـايـة :
يجب أن يفهم القصد من خلال كل ما تقدم ،
فحسن الظن واجب ، فالأصل الذي ينبغي أن يظنه المسلم أن نية الموقع أو العالم
تعريف الزائر ممن يأخذ دينه وعلمه ليطمئن قلبه لهذا الموقع أو ذاك أو هذا العالم
أو ذاك ،إو لمصالح شرعية أخرى ، وكذلك ليس
المراد تشكيك الناس بنية المواقع أو العلماء ، فالله يؤيد هذا
الدين بالرجل الفاجر ، فكيف إذا كان موقعاً إسلامياً أو عالماً؟ وإنما الهدف من كل
ذلك:
·
التبيان لكل
مسلم بشكل جلي إلى مدى أهمية صلاة الاستخارة.
·
المحاولة في
تشخيص بعض الأمراض الخفية بنوع من الدقة ومعرفة أسبابها الحقيقية لعل الله يصـلح
بها أعمالنا ويغير أوضاعنا ويعيد لنا مجداً أضعناه.
([57] ) وإذا قال قائل : الأعمال المستحبة لا يستخار
فيها ، فالجواب باختصار : أن حديثنا ليس على الأعمال المستحبة بل في الاطمئنان على
إخلاص النية ، أو أننا قد صرنا مع تطاول الأمد أخلص وأحسن من السلف فلا نحتاج لذلك
، وقد تم ذكر ذلك في أحكام الاستخارة وفي الكتاب ، ولعل الله ييسر أن أرسله
كاملاً.
([58] ) أي أن تظن أن حكمة الحكيم سبحانه من الصرف أو
التيسير كذا وكذا ، وهذا ما يعين المستخير على إتقان الأعمال القلبية الملازمة
للاستخارة ، وقد ذكرت في الكتاب/ الفصل الثاني/ حتى تتقنها!
([59] ) إذا كان اليوم تعلم القرآن يحتاج إلى مدارس
وجامعات وعلماء... ، فأين حظ الاستخارة اليوم من
حديث جابر " كان رسول الله r يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا
السورة من القرآن) ولو بمقدار عشر العشر (1%) ، فنحن أمام خيارين ، إما أن هذا
القياس غير صحيح ؛ لأن الاستخارة لا تحتاج إلى كل ذلك ، وإما أن نجتهد لسد هذا
النقص حتى نوفي هذه العبادة حقها ونتقنها وننال ثمرها ، فهل من مشـمر؟ لمزيد من
الفائدة انظر الفصل الثاني المبحث الأول / عناصر عامة لإتقانها.
([60] ) وقد تقدم ذكره في باب ( ولله الحكمة البالغة/
فقرة 2 ) 0 راجع مبحث (الاستخــــارة وحـــــــــــــــــــي
هـــــــــــــــذه الأمــــــــة) . ولعل الله ييسر إرساله قريبا كسلسلة مستقلة
أو مع النسخة الكاملة من الكتاب ، فالخير كل الخير فيما يختاره علام الغيوب سبحانه
فما أعظم وأحكم حكمته .
([61] ) أخرجه أبو داود وابن ماجه
وابن حبان في صحيحه وغيرهم وقد صححه الألباني وغيره، ومعنى كلمة (ندندن): الكلام الذي لا يفهم . قاله أبو بكر :
أحـــــــــد رواة الحــــديث فــــــــي سنــــــــــــن أبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي
داود.
[62] ) و هذه علامة مــهمـــة مـــــن
عــــلامــات الإخـــــلاص الخـــافــيـة فالمؤمن الحق شكور .وينبغي التفريق بين
الشكر والمدح .
[63] ) وذلك على طريقة ما بال أقوام ما أمكن إلى ذلك سبيلاً، وليس على طريقة
التشهير باسم الجرح والتعديل – بغض النظر عن النية – والذي قطع عرى المحبة بين
القائمين على الدعوة، ثم ترك أثره السلبي العظيم على الأمة، ولكن هناك يوم تبلى فيه
السرائر.
([64] ) الغريب
والعجيب أن هذا الكتاب ( صلاة الاستخارة وتطوير
وتحقيق الذات) تطرق إلى مسألــة: كيف يمكن تطوير الذات مع
المحافظة على آخرتك، وكذلك فيه بالنص: (وثمارها
العظيمة والكثيرة التي لا تعد ولا تحصى , فأهـمها لأهل التقـوى والورع الاطمئنان
على إخلاص النية عند أي عمل ، وأهمها لأهـــــــــــــــــــــــــــــل
الدنيا النجاح وحـــــب التميز ) . ملاحظة : وحب التميز
أضيفت هنا.
( السلسلة كاملة )
- المقالة الأولـــى : كـــــاشـــف نــــــفـــســـــك !.. لــمــاذا لا تــــســـتـــخـيـــــــر؟
- المقالة الثانيــة : كـــاشـــــف نــــــفــســــــك !.. لـــمــاذا تـستــخــيــر قــلــــيـــــلا ؟!
- المقالة الثالثـــة : كـــــــــــــــــــــــــــيـــــــف تـــــتـقـــن صـــــلاة الاســتـــخــــــــــارة ؟!
- المقالة الرابعــة : صــــلاة الاستــــخارة ... وأثرها على صلاح البال وتـطـويـر الـذات والإتـقـان والإبـــداع... !
- المقالة الخامسة : صـــــلاة الاستـــخارة ... وتطــويــــــــر وتحقيـــــق الــــــذات !
- المقالة السادسة : هذه قصتي مع الاستخارة منذ عشرين عاما ..وما زالت أحداثها مستمرة !
- المقالة السابــعة : أتــحب أن تكــــون ملهمــــا ؟!
- المقالة الثامنــة : هل استخار الرسول r
سند بن علي بن أحمد البيضاني
تعليقات
إرسال تعليق